للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لِلشُّبْهَةِ، وَيُعَاقَبُ بِالتَّعْزِيرِ؛ لأَِنَّ الْمَعْنَى: بَل أَنْتَ زَانٍ (١) .

وَذَهَبَ مَالِكٌ: إِلَى أَنَّهُ إِذَا عَرَّضَ بِالْقَذْفِ غَيْرُ أَبٍ، يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ إِنْ فُهِمَ الْقَذْفُ بِتَعْرِيضِهِ بِالْقَرَائِنِ، كَخِصَامٍ بَيْنَهُمْ، وَلاَ فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ النَّظْمِ وَالنَّثْرِ، أَمَّا الأَْبُ إِذَا عَرَّضَ لِوَلَدِهِ، فَإِنَّهُ لاَ يُحَدُّ، لِبُعْدِهِ عَنِ التُّهْمَةِ (٢) .

وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ لِلإِْمَامِ أَحْمَدَ؛ لأَِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْتَشَارَ بَعْضَ الصَّحَابَةِ فِي رَجُلٍ قَال لآِخَرَ: مَا أَنَا بِزَانٍ وَلاَ أُمِّي بِزَانِيَةٍ. فَقَالُوا: إِنَّهُ قَدْ مَدَحَ أَبَاهُ وَأُمَّهُ، فَقَال عُمَرُ: قَدْ عَرَّضَ لِصَاحِبِهِ، فَجَلَدَهُ الْحَدَّ (٣) .

وَالتَّعْرِيضُ بِالْقَذْفِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، كَقَوْلِهِ: يَا ابْنَ الْحَلاَل، وَأَمَّا أَنَا فَلَسْتُ بِزَانٍ، وَأُمِّي لَيْسَتْ بِزَانِيَةٍ، فَهَذَا كُلُّهُ لَيْسَ بِقَذْفٍ وَإِنْ نَوَاهُ؛ لأَِنَّ النِّيَّةَ إِنَّمَا تُؤَثِّرُ إِذَا احْتَمَل اللَّفْظَ الْمَنْوِيَّ، وَلاَ دَلاَلَةَ هُنَا فِي اللَّفْظِ، وَلاَ احْتِمَال، وَمَا يُفْهَمُ مِنْهُ مُسْتَنَدُهُ قَرَائِنُ الأَْحْوَال، هَذَا هُوَ الأَْصَحُّ. وَقِيل: هُوَ كِنَايَةٌ، أَيْ عَنِ الْقَذْفِ، لِحُصُول الْفَهْمِ وَالإِْيذَاءِ، فَإِنْ أَرَادَ النِّسْبَةَ إِلَى الزِّنَا فَقَذْفٌ، وَإِلاَّ فَلاَ.

وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ حَالَةُ الْغَضَبِ وَغَيْرُهَا (٤) ،


(١) حاشية ابن عابدين ٣ / ١٩١.
(٢) شرح الزرقاني ٨ / ٨٧.
(٣) المغني ٨ / ٢٢٢.
(٤) روضة الطالبين ٨ / ٣١٢.