للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قَال الْقُرْطُبِيُّ: " وَإِنَّمَا جُعِل الْقِرَانُ مِنْ بَابِ التَّمَتُّعِ؛ لأَِنَّ الْقَارِنَ يَتَمَتَّعُ بِتَرْكِ النَّصَبِ فِي السَّفَرِ إِلَى الْعُمْرَةِ مَرَّةً وَإِلَى الْحَجِّ أُخْرَى، وَيَتَمَتَّعُ بِجَمْعِهِمَا وَلَمْ يُحْرِمْ لِكُل وَاحِدَةٍ مِنْ مِيقَاتِهِ، وَضَمَّ الْحَجَّ إِلَى الْعُمْرَةِ، فَدَخَل تَحْتَ قَوْل اللَّهِ عَزَّ وَجَل: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ؛ وَلأَِنَّهُ إِذَا وَجَبَ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ لأَِنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ نُسُكَيْنِ فِي وَقْتِ أَحَدِهِمَا فَلأََنْ يَجِبَ عَلَى الْقَارِنِ وَقَدْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الإِْحْرَامِ أَوْلَى (١) .

وَأَدْنَى مَا يُجْزِئُ فِيهِ شَاةٌ، وَالْبَقَرَةُ أَفْضَل، وَالْبَدَنَةُ أَفْضَل مِنْهُمَا.

وَاخْتَلَفُوا فِي مُوجِبِ هَذَا الْهَدْيِ، فَقَال الْجُمْهُورُ وَمِنْهُمُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: هُوَ دَمُ شُكْرٍ، وَجَبَ شُكْرًا لِلَّهِ لِمَا وَفَّقَهُ إِلَيْهِ مِنْ أَدَاءِ النُّسُكَيْنِ فِي سَفَرٍ وَاحِدٍ، فَيَأْكُل مِنْهُ وَيُطْعِمُ مَنْ شَاءَ وَلَوْ غَنِيًّا، وَيَتَصَدَّقُ (٢) . وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: هُوَ دَمُ جَبْرٍ عَلَى الصَّحِيحِ فِي مَذْهَبِهِمْ، فَلاَ يَجُوزُ لَهُ الأَْكْل


(١) المهذب بشرح المجموع ٧ / ١٩٠.
(٢) فتح القدير ٢ / ٣٢٢، والمسلك المتقسط ص ١٧٤، وتبيين الحقائق ٢ / ٨٩، ورسالة ابن أبي زيد وشرحها ١ / ٥٠٨ - ٥٠٩، وشرح العشماوية للصفتي ص ٢٠٣، وبداية المجتهد ١ / ٢٦٧، والمغني ٣ / ٥٤١، والكافي ١ / ٥٣٥ - ٥٣٩ و٦٣٤ - ٦٣٥، ومطالب أولي النهى ٢ / ٤٧٥.