للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الْقُرْعَةُ فِي الطَّلاَقِ:

١٣ - إِذَا كَانَ لِشَخْصٍ أَكْثَرُ مِنْ زَوْجَةٍ، فَطَلَّقَ وَاحِدَةً لاَ بِعَيْنِهَا، بِأَنْ قَال: إِحْدَاكُنَّ طَالِقٌ، فَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا تَعَيَّنَتْ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ.

وَإِنْ لَمْ يَنْوِ وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ فِي قَوْلٍ إِلَى أَنَّهُ يَصْرِفُ الطَّلاَقَ إِلَى أَيَّتِهِنَّ شَاءَ.

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي الْقَوْل الثَّانِي إِلَى طَلاَقِ الْجَمِيعِ، وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَلْزَمُهُ التَّعْيِينُ، فَإِنِ امْتَنَعَ حُبِسَ وَعُزِّرَ، وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يُقْرِعُ بَيْنَهُنَّ (١) .

وَاسْتَدَل الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّ الزَّوْجَ يَمْلِكُ إِيقَاعَ الطَّلاَقِ ابْتِدَاءً وَتَعْيِينَهُ، فَإِذَا أَوْقَعَهُ وَلَمْ يُعَيِّنْ مَلَكَ تَعْيِينَهُ لأَِنَّهُ اسْتِيفَاءُ مَا مَلَكَ.

وَاسْتَدَل الْحَنَابِلَةُ بِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنْ قَوْلِهِمَا فِي الْقُرْعَةِ وَلاَ مُخَالِفَ لَهُمَا مِنَ الصَّحَابَةِ؛ وَلأَِنَّ الطَّلاَقَ إِزَالَةُ مِلْكٍ بُنِيَ عَلَى التَّغْلِيبِ وَالسِّرَايَةِ فَتَدْخُلُهُ الْقُرْعَةُ كَالْعِتْقِ، وَقَدْ ثَبَتَ الأَْصْل بِكَوْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْرَعَ بَيْنَ الْعَبِيدِ السِّتَّةِ، كَمَا فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَجُلاً


(١) ابن عابدين ٣ / ٢٩١ طبعة الحلبي، الطبعة الثالثة، ومواهب الجليل ٤ / ٨٧، وروضة الطالبين ٨ / ١٠٣، والمغني ٧ / ٢٥١.