للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ اسْتِقْبَال الْقِبْلَةِ فِي الصَّلاَةِ:

١١ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي اسْتِقْبَال الْقِبْلَةِ فِي الصَّلاَةِ أَنْ يَكُونَ بِالصَّدْرِ لاَ بِالْوَجْهِ، خِلاَفًا لِمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ ظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى: {فَوَل وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} لأَِنَّ الْمُرَادَ بِالْوَجْهِ هُنَا الذَّاتُ، وَالْمُرَادُ مِنَ الذَّاتِ بَعْضُهَا وَهُوَ الصَّدْرُ فَهُوَ مَجَازٌ مَبْنِيٌّ عَلَى مَجَازٍ. (١) وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ الاِسْتِقْبَال بِالْقَدَمَيْنِ.

أَمَّا الاِسْتِقْبَال بِالْوَجْهِ فَهُوَ سُنَّةٌ، وَتَرْكُهُ مَكْرُوهٌ عِنْدَ الأَْئِمَّةِ الأَْرْبَعَةِ.

وَهَذَا فِي حَقِّ الْقَائِمِ وَالْقَاعِدِ. أَمَّا الَّذِي يُصَلِّي مُسْتَلْقِيًا أَوْ مُضْطَجِعًا لِعَجْزِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِمَا الاِسْتِقْبَال بِالْوَجْهِ، عَلَى تَفْصِيلٍ يُذْكَرُ فِي صَلاَةِ الْمَرِيضِ. (٢)

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إلَى أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ فِي الاِسْتِقْبَال التَّوَجُّهُ بِالصَّدْرِ أَيْضًا، وَإِنَّمَا الَّذِي لاَ بُدَّ مِنْهُ فَهُوَ التَّوَجُّهُ بِالرِّجْلَيْنِ.

عَلَى أَنَّ الْفُقَهَاءَ تَعَرَّضُوا لأَِعْضَاءٍ أُخْرَى يَسْتَقْبِل بِهَا الْمُصَلِّي الْقِبْلَةَ فِي مُنَاسِبَاتٍ كَثِيرَةٍ فِي كِتَابِ الصَّلاَةِ، نَكْتَفِي بِالإِْشَارَةِ إلَى بَعْضِهَا دُونَ تَفْصِيلٍ لِكَوْنِهَا بِتِلْكَ الْمَوَاطِنِ أَلْصَقَ، وَلِسِيَاقِ الْفُقَهَاءِ أَنْسَبَ مِنْ جِهَةٍ، وَتَفَادِيًا لِلتَّكْرَارِ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى. وَمِنْ ذَلِكَ:

اسْتِحْبَابِ الاِسْتِقْبَال بِبُطُونِ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ فِي


(١) ابن عابدين ١ / ٤٣٢، ونهاية المحتاج ١ / ٤٠٦، والجمل على المنهج ١ / ٣١٢.
(٢) نهاية المحتاج ١ / ٤٠٦، والجمل على المنهج ١ / ٣١٢، وشرح الروض ١ / ١٤٧، وانظر صلاة الجالس والمستلقي. المغني ١ / ٧٨٣، وكشاف القناع ١ / ٣٧٠.