للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَثَرُ الْقَيْءِ فِي الْوُضُوءِ:

٤ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ بِالْقَيْءِ: فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَنْقُضُهُ (١) .

وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْقَيْءَ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ مَتَى كَانَ مِلْءَ الْفَمِ، سَوَاءٌ كَانَ قَيْءَ طَعَامٍ أَوْ مَاءٍ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ.

وَحَدُّ مَلْئِهِ: أَنْ لاَ يَنْطَبِقَ عَلَيْهِ الْفَمُ إِلاَّ بِتَكَلُّفٍ (أَيْ مَشَقَّةٍ) عَلَى الأَْصَحِّ مِنَ التَّفَاسِيرِ فِيهِ، وَقِيل حَدُّ مَلْئِهِ: أَنْ يَمْنَعَ الْكَلاَمَ، وَذَلِكَ لِتَنَجُّسِهِ بِمَا فِي قَعْرِ الْمَعِدَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْعَشَرَةِ الْمُبَشَّرِينَ بِالْجَنَّةِ (٢) ؛ وَلأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قَاءَ فَتَوَضَّأَ " (٣) ؛ وَلأَِنَّ خُرُوجَ النَّجَاسَةِ مُؤَثِّرٌ فِي زَوَال الطَّهَارَةِ.

فَإِذَا لَمْ يَمْلأَِ الْفَمَ لاَ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ؛ لأَِنَّهُ مِنْ أَعْلَى الْمَعِدَةِ، وَكَذَا لاَ يَنْقُضُهُ قَيْءُ بَلْغَمٍ وَلَوْ


(١) جواهر الإكليل ١ / ٢١، الشرح الكبير ١ / ١٢٣، وأسهل المدارك شرح إرشاد السالك ١ / ٩٦، والإقناع للخطيب الشربيني ١ / ٧٨، والمهذب في فقه الإمام الشافعي ١ / ٣١، ومنهاج الطالبين ١ / ٣١. ط. عيسى الحلبي.
(٢) حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح ٤٩، والاختيار شرح المختار ١ / ٩، وفتح القدير ١ / ٢٨، ٢٩، وابن عابدين ١ / ٩٣. دار إحياء التراث العربي.
(٣) حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم قاء فتوضأ ". أخرجه الترمذي (١ / ١٤٣) ، وقال النووي في المجموع (٢ / ٥٥) : ضعيف، مضطرب قاله البيهقي وغيره من الحفاظ.