للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُدْعَى لَهُ فَقَدْ لَحِقَ بِمَنِ اسْتَلْحَقَهُ (١) قَال الْخَطَّابِيُّ: هَذِهِ أَحْكَامٌ وَقَعَتْ فِي أَوَّل زَمَانِ الشَّرِيعَةِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ لأَِهْل الْجَاهِلِيَّةِ إمَاءٌ بَغَايَا، وَكَانَ سَادَتُهُنَّ يُلِمُّونَ بِهِنَّ، فَإِذَا جَاءَتْ إِحْدَاهُنَّ بِوَلَدٍ رُبَّمَا ادَّعَاهُ السَّيِّدُ وَالزَّانِي، فَأَلْحَقَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسَّيِّدِ، لأَِنَّ الأَْمَةَ فِرَاشٌ كَالْحُرَّةِ، فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ وَلَمْ يَسْتَلْحِقْهُ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ وَرَثَتُهُ بَعْدَهُ لَحِقَ بِأَبِيهِ.

وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الاِسْتِلْحَاقِ عِنْدَ الصِّدْقِ وَاجِبٌ، وَمَعَ الْكَذِبِ فِي ثُبُوتِهِ وَنَفْيِهِ حَرَامٌ، وَيُعَدُّ مِنَ الْكَبَائِرِ، لأَِنَّهُ كُفْرَانُ النِّعْمَةِ، لِمَا صَحَّ عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَدْخَلَتْ عَلَى قَوْمٍ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ، فَلَيْسَتْ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ، وَلَنْ يُدْخِلَهَا اللَّهُ جَنَّتَهُ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ جَحَدَ وَلَدَهُ وَهُوَ يَنْظُرُ إلَيْهِ احْتَجَبَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ، وَفَضَحَهُ عَلَى رُءُوسِ الأَْوَّلِينَ وَالآْخِرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. (٢)


(١) حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى أن كل مستلحق. . . " أخرجه أبو داود وابن ماجه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: " أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى - وفي ابن ماجه قال - أن كل مستلحق استلحق بعد أبيه الذي يدعى له ادعاه ورثته فقضى أن كل من كان من أمة يملكها يوم أصابها فقد لحق بمن استلحقه ". قال الحافظ البوصيري عند ال وسنن ابن ماجه تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ٢ / ٩١٧ - ٩١٨ ط عيسى الحلبي ١٣٧٣ هـ) .
(٢) حديث: " أيما امرأة أدخلت على قوم. . . " أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم - وصححاه ووافق الذهبي الحاكم على تصحيحه - من حديث أبي هريرة، وصححه الدارقطني في العلل، مع اعترافه بتفرد عبد الله بن يوسف عن سعيد المقبري، وأنه لا يعرف إلا به. وقال في الفتح بعد ما عزاه لأبي داود والنسائي وابن حبان والحاكم عن عبد الله بن يوسف حجازي: ما روى عنه سوى يزيد بن الهاد. (فيض القدير ٣ / ١٣٧ ط المكتبة والمستدرك ٢ / ٢٠٣ نشر دار الكتاب العربي) .