للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشَّرْعَ حَصَرَ دَلِيل النَّسَبِ فِي الْفِرَاشِ، وَغَايَةُ الْقِيَافَةِ إِثْبَاتُ الْمَخْلُوقِيَّةِ مِنَ الْمَاءِ لاَ إِثْبَاتُ الْفِرَاشِ، فَلاَ تَكُونُ حُجَّةً لإِِثْبَاتِ النَّسَبِ. وَيَسْتَدِلُّونَ عَلَى مَذْهَبِهِمْ بِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَل شَرَعَ حُكْمَ اللِّعَانِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ عِنْدَ نَفْيِ النَّسَبِ، وَلَمْ يَأْمُرْ بِالرُّجُوعِ إِلَى قَوْل الْقَائِفِ، فَلَوْ كَانَ قَوْلُهُ حُجَّةً لأََمَرَ بِالْمَصِيرِ إِلَيْهِ عِنْدَ الاِشْتِبَاهِ (١) .

؛ وَلأَِنَّ مُجَرَّدَ الشَّبَهِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، فَقَدْ يُشْبِهُ الْوَلَدُ أَبَاهُ الأَْدْنَى، وَقَدْ يُشْبِهُ الأَْبَ الأَْعْلَى الَّذِي بِاعْتِبَارِهِ يَصِيرُ مَنْسُوبًا إِلَى الأَْجَانِبِ فِي الْحَال، وَإِلَيْهِ أَشَارَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَال: إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلاَمًا أَسْوَدَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَل لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟ قَال: نَعَمْ. قَال: مَا أَلْوَانُهَا؟ قَال: حُمْرٌ، قَال: فَهَل فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ قَال: نَعَمْ، قَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَأَنَّى هُوَ؟ فَقَال: لَعَلَّهُ يَا رَسُول اللَّهِ يَكُونُ نَزَعَهُ عِرْقٌ لَهُ (٢) ، فَبَيَّنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لاَ عِبْرَةَ لِلشَّبَهِ (٣) ، وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ (٤) . أَيِ الْوَلَدُ لِصَاحِبِ


(١) المبسوط ١٧ / ٧٠.
(٢) حديث: " إن امرأتي ولدت غلامًا أسود. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري ٩ / ٤٤٢) ، ومسلم (٢ / ١١٣٧ - ١١٣٨) من حديث أبي هريرة واللفظ لمسلم.
(٣) المبسوط ١٧ / ٧٠.
(٤) حديث: " الولد للفراش وللعاهر الحجر ". أخرجه البخاري (فتح الباري ٤ / ٢٩٢) ، ومسلم (٢ / ١٠٨٠) من حديث عائشة.