للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَفَسَّرُوا قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ بِأَنَّ مَعْنَاهُ: يَسْتَغْنِي بِهِ. (١)

٨ - وَفِي كَرَاهَةِ قِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْوَاحِدِ - كَمَا يَفْعَل الْمُتَعَلِّمُونَ عِنْدَ الشَّيْخِ وَهُوَ يَسْتَمِعُ لَهُمْ - رِوَايَتَانِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ.

إحْدَاهُمَا: أَنَّهُ حَسَنٌ.

وَالثَّانِيَةُ: الْكَرَاهَةُ، وَهُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ، قَال ابْنُ رُشْدٍ: كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ هَذَا وَلاَ يَرْضَاهُ، ثُمَّ رَجَعَ وَخَفَّفَهُ.

وَجْهُ الْكَرَاهَةِ: أَنَّهُ إِذَا قَرَأَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مَرَّةً وَاحِدَةً لاَ بُدَّ أَنْ يَفُوتَهُ سَمَاعُ مَا يَقْرَأُ بِهِ بَعْضُهُمْ، مَا دَامَ يُصْغِي إلَى غَيْرِهِمْ، وَيَشْتَغِل بِالرَّدِّ عَلَى الَّذِي يُصْغِي إلَيْهِ، فَقَدْ يُخْطِئُ فِي ذَلِكَ الْحِينِ وَيَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ سَمِعَهُ، وَأَجَازَ قِرَاءَتَهُ، فَيُحْمَل عَنْهُ الْخَطَأُ، وَيَظُنُّهُ مَذْهَبًا لَهُ.

وَوَجْهُ التَّخْفِيفِ: الْمَشَقَّةُ الدَّاخِلَةُ عَلَى الْمُقْرِئِ بِانْفِرَادِ كُل وَاحِدٍ حِينَ الْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ إِذَا كَثُرُوا، وَقَدْ لاَ يَعُمُّهُمْ، فَرَأَى جَمْعَهُمْ فِي الْقِرَاءَةِ أَحْسَنَ مِنَ الْقَطْعِ بِبَعْضِهِمْ. (٢)

د - اسْتِمَاعُ الْكَافِرِ الْقُرْآنَ:

٩ - لاَ يُمْنَعُ الْكَافِرُ مِنْ الاِسْتِمَاعِ إلَيْهِ، لِقَوْلِهِ جَل


(١) المغني ٩ / ١٨٠، وحاشية القليوبي ٤ / ٣٢٠ وحديث " ليس منا من لم يتغن بالقرآن ". أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة، وأحمد بن حنبل وأبو داود وابن حبان من حديث سعد بن أبي وقاص، وأبو داود من حديث أبي لبابة بن عبد المنذر، والحاكم من حديث ابن عباس عن عائشة (فيض القدير ٥ / ٣٨٧ - ٣٨٨ ط المكتبة التجارية ١٣٥٦ هـ) .
(٢) مواهب الجليل ٢ / ٦٤ ط مكتبة النجاح ليبيا، والفتاوى الهندية ٥ / ٣١٧.