للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِنْ كَانَ مِمَّا لاَ مِثْل لَهُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ؛ لأَِنَّهُ تَعَذَّرَ إِيجَابُ الْمِثْل مَعْنًى وَهُوَ الْقِيمَةُ؛ لأَِنَّهَا الْمِثْل الْمُمْكِنُ.

وَالأَْصْل فِي ضَمَانِ الْقِيمَةِ مَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْعَدْل (١) ، فَأَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّقْوِيمِ فِي حِصَّةِ الشَّرِيكِ؛ لأَِنَّهَا مُتْلَفَةٌ بِالْعِتْقِ وَلَمْ يَأْمُرْ بِالْمِثْل؛ وَلأَِنَّ هَذِهِ الأَْشْيَاءَ لاَ تَتَسَاوَى أَجْزَاؤُهَا وَتَتَبَايَنُ صِفَاتُهَا، فَالْقِيمَةُ فِيهَا أَعْدَل وَأَقْرَبُ إِلَيْهَا فَكَانَتْ أَوْلَى، وَالنَّصُّ الْوَارِدُ فِي الْعَبْدِ يَكُونُ وَارِدًا فِي إِتْلاَفِ كُل مَا لاَ مِثْل لَهُ دَلاَلَةً.

وَحُكِيَ عَنِ الْعَنْبَرِيِّ أَنَّهُ يَجِبُ فِي كُل شَيْءٍ مِثْلُهُ مِثْلِيًّا كَانَ أَوْ مُتَقَوِّمًا (٢) ، لِمَا وَرَدَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ صَانِعَةَ طَعَامٍ مِثْل صَفِيَّةَ أَهْدَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَاءً فِيهِ طَعَامٌ، فَمَا مَلَكَتْ نَفْسِي أَنْ كَسَرَتْهُ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَفَّارَتِهِ فَقَال: إِنَاءٌ كَإِنَاءٍ، وَطَعَامٌ كَطَعَامٍ (٣) .


(١) حديث: " من أعتق شركًا له في عبد. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري ٥ / ١٣٧) ، ومسلم (٢ / ١١٣٩) واللفظ لمسلم.
(٢) بدائع الصنائع ٧ / ١٥٠ - ١٥١، والهداية ٤ / ١١ - ١٢، وجواهر الإكليل ٢ / ١٤٩، ومغني المحتاج ٢ / ٢٨٢ - ٢٨٣، والمهذب ١ / ٣٧٤ - ٣٧٥، والمغني ٥ / ٢٣٨ - ٢٣٩، ومنتهى الإرادات ٢ / ٤١٨ - ٤١٩.
(٣) حديث عائشة: " من رأيت صانعة طعام مثل صفية. . . ". أخرجه النسائي (٧ / ٧١) وحسن إسناده ابن حجر في الفتح (٥ / ١٢٥) .