للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الْقَبُول بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَال الْقَرَافِيُّ: إِنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. (١)

٢٥ - وَقَدِ اسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ مِنْ عَدَمِ التَّوَقُّفِ عَلَى الْقَبُول: الْعُقُودَ الَّتِي يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ، كَالصَّرْفِ، وَالسَّلَمِ (أَيْ عَنْ رَأْسِ مَال السَّلَمِ) فَيَتَوَقَّفُ فِيهَا الإِْبْرَاءُ عَلَى الْقَبُول؛ لأَِنَّ الإِْبْرَاءَ عَنْ بَدَل الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ يَفُوتُ بِهِ الْقَبْضُ الْمُسْتَحَقُّ، وَفَوَاتُهُ يُوجِبُ بُطْلاَنَ الْعَقْدِ، وَنَقْضُ الْعَقْدِ لاَ يَنْفَرِدُ بِهِ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ، بَل يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُول الآْخَرِ، فَإِنْ قَبِلَهُ بَرِئَ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ لاَ يَبْرَأُ. وَهَذَا بِخِلاَفِ سَائِرِ الدَّيْنِ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَعْنَى الْفَسْخِ لِعَقْدٍ ثَابِتٍ وَإِنَّمَا فِيهِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ مِنْ وَجْهٍ، وَمَعْنَى الإِْسْقَاطِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ. أَمَّا الإِْبْرَاءُ عَنِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ أَوْ عَنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فَهُوَ جَائِزٌ بِدُونِ قَبُولٍ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إِسْقَاطُ شَرْطٍ. (٢)

رَدُّ الإِْبْرَاءِ:

٢٦ - يَنْبَنِي اخْتِلاَفُ النَّظَرِ الْفِقْهِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْخِلاَفِ فِي أَنَّ الإِْبْرَاءَ إِسْقَاطٌ أَوْ تَمْلِيكٌ. وَالَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا حَاجَتُهُ لِلْقَبُول أَوْ عَدَمُ حَاجَتِهِ. فَالْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ، وَالْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَرْجُوحِ، وَهُمْ أَكْثَرُ الْقَائِلِينَ بِعَدَمِ حَاجَتِهِ لِلْقَبُول، ذَهَبُوا إِلَى أَنَّهُ لاَ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ؛ لأَِنَّهُ إِسْقَاطُ حَقٍّ كَالْقِصَاصِ وَالشُّفْعَةِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَالْخِيَارِ وَالطَّلاَقِ، لاَ تَمْلِيكُ عَيْنٍ، كَالْهِبَةِ.


(١) الدسوقي على الشرح الكبير ٤ / ٩٩ نقله عن الفروق للقرافي وأقره (وموطنه في الفروق ٢ / ١٠١)
(٢) المجلة العدلية ١٥٦٨ ووقع للحموي في حاشيته على الأشباه التسوية بين الحالتين، ونوقش من بعض شراح المجلة (كشرح الأتاسي ٤ / ٥٨٩) ، وتبويب الأشباه والنظائر ص ٣٨٣ نقلا عن البدائع ٦ / ٤٦ ط دار الكتاب العربي.