للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، فَهَذِهِ قَوَاعِدُ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ، وَأَمَّا الْمُتَأَخِّرُونَ: كَابْنِ مُقَاتِلٍ، وَابْنِ سَلاَّمٍ، وَإِسْمَاعِيل الزَّاهِدِ، وَأَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيِّ، وَالْهِنْدُوَانِيِّ، وَابْنِ الْفَضْل فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْخَطَأَ فِي الإِْعْرَابِ لاَ يُفْسِدُ الصَّلاَةَ مُطْلَقًا، وَإِنْ أَدَّى اعْتِقَادُهُ كُفْرًا، كَكَسْرِ " وَرَسُولِهِ "، فِي قَوْله تَعَالَى: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} لأَِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُمَيِّزُونَ بَيْنَ وُجُوهِ الإِْعْرَابِ، وَإِنْ كَانَ الْخَطَأُ بِإِبْدَال حَرْفٍ بِحَرْفٍ: فَإِنْ أَمْكَنَ الْفَصْل بَيْنَهُمَا بِلاَ كُلْفَةٍ كَالصَّادِ مَعَ الطَّاءِ بِأَنْ قَرَأَ الطَّالِحَاتِ، بَدَل " الصَّالِحَاتِ " فَهُوَ مُفْسِدٌ بِاتِّفَاقِ أَئِمَّتِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنَ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِمَشَقَّةٍ كَالظَّاءِ مَعَ الضَّادِ وَالصَّادِ مَعَ السِّينِ فَأَكْثَرُهُمْ عَلَى عَدَمِ الْفَسَادِ لِعُمُومِ الْبَلْوَى (١) ، وَلَمْ يُفَرِّقِ الْحَنَفِيَّةُ بَيْنَ أَنْ يَقَعَ اللَّحْنُ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلاَةِ فِي الْفَاتِحَةِ أَوْ فِي غَيْرِهَا.

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ فِي أَصَحِّ الأَْقْوَال عِنْدَهُمْ: لاَ تَبْطُل الصَّلاَةُ بِلَحْنٍ فِي الْقِرَاءَةِ وَلَوْ بِالْفَاتِحَةِ، وَإِنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى، وَأَثِمَ الْمُقْتَدِي بِهِ إِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ، مِمَّنْ يُحْسِنُ الْقِرَاءَةَ (٢) .

اللَّحْنُ بِمَعْنَى التَّغْرِيدِ وَالتَّطْرِيبِ

٤ - اللَّحْنُ بِهَذَا الْمَعْنَى إِنْ كَانَ بِلاَ آلَةٍ، وَلَمْ


(١) حاشية ابن عابدين ١ / ٤٢٣، وفتح القدير ١ / ٢٨١.
(٢) الشرح الصغير ١ / ٤٣٧، مختصر خليل ١ / ٧٨.