للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِلَى الْمُبَاهَلَةِ فَقَال بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: إِنْ فَعَلْتُمُ اضْطَرَمَ الْوَادِي عَلَيْكُمْ نَارًا. . فَإِنَّ مُحَمَّدًا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَلَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ جَاءَكُمْ بِالْفَصْل فِي أَمْرِ عِيسَى فَقَالُوا أَمَا تَعْرِضُ عَلَيْنَا سِوَى هَذَا؟ فَقَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الإِْسْلاَمُ أَوِ الْجِزْيَةُ أَوِ الْحَرْبُ فَأَقَرُّوا بِالْجِزْيَةِ وَانْصَرَفُوا إِلَى بِلاَدِهِمْ عَلَى أَنْ يُؤَدُّوا فِي كُل عَامٍ أَلْفَ حُلَّةٍ فِي صَفَرٍ وَأَلْفَ حُلَّةٍ فِي رَجَبٍ فَصَالَحَهُمْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ بَدَلاً مِنَ الإِْسْلاَمِ (١) .

قَال الْعُلَمَاءُ: وَفِي هَذِهِ الآْيَاتِ دَحْضٌ لِشُبَهِ النَّصَارَى فِي أَنَّ عِيسَى إِلَهٌ أَوِ ابْنُ الإِْلَهِ كَمَا أَنَّهَا مِنْ أَعْلاَمِ نُبُوَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَِنَّهُ لَمَّا دَعَاهُمْ إِلَى الْمُبَاهَلَةِ أَبَوْا وَرَضُوا بِالْجِزْيَةِ بَعْدَ أَنْ أَعْلَمَهُمْ كَبِيرُهُمُ الْعَاقِبُ: أَنَّهُمْ إِنْ بَاهَلُوهُ اضْطَرَمَ عَلَيْهِمُ الْوَادِي نَارًا وَلَمْ يَبْقَ نَصْرَانِيٌّ وَلاَ نَصْرَانِيَّةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلَوْلاَ أَنَّهُمْ عَرَفُوا يَقِينًا أَنَّهُ نَبِيٌّ مَا الَّذِي كَانَ يَمْنَعُهُمْ مِنَ الْمُبَاهَلَةِ؟ فَلَمَّا أَحْجَمُوا وَامْتَنَعُوا عَنْهَا دَل عَلَى أَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا عَرَفُوا صِحَّةَ نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالدَّلاَئِل الْمُعْجِزَاتِ وَبِمَا وَجَدُوا مِنْ نَعْتِهِ فِي كُتُبِ الأَْنْبِيَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ (٢) .


(١) تفسير القرطبي ٤ / ١٠٢، ١٠٤، وأحكام القرآن للجصاص ٢ / ١٤، وأحكام القرآن لابن العربي ١ / ٣٦٠. والحديث أورده السيوطي في الدر المنثور (٢ / ٢٢٩) بلفظ مقارب وعزاه إلى ابن سعد وعبد بن حميد من حديث الأزرق بن قيس مرسلاً.
(٢) المصادر السابقة.