للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمَاكِنِهَا.

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّهُ يَلْحَقُ بِالأَْمْوَال الظَّاهِرَةِ الْمَال الْبَاطِنُ إِذَا مَرَّ بِهِ التَّاجِرُ عَلَى الْعَاشِرِ، فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ الزَّكَاةَ فِي الْجُمْلَةِ، لأَِنَّهُ لَمَّا سَافَرَ بِهِ وَأَخْرَجَهُ مِنَ الْعُمْرَانِ صَارَ ظَاهِرًا وَالْتَحَقَ بِالسَّوَائِمِ، وَهَذَا لأَِنَّ الإِْمَامَ إِنَّمَا كَانَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِزَكَاةِ الْمَوَاشِي فِي أَمَاكِنِهَا لِمَكَانِ الْحِمَايَةِ، لأَِنَّ الْمَوَاشِيَ فِي الْبَرَارِيِّ لاَ تَصِيرُ مَحْفُوظَةً إِلاَّ بِحِفْظِ السُّلْطَانِ وَحِمَايَتِهِ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي مَالٍ يَمُرُّ بِهِ التَّاجِرُ عَلَى الْعَاشِرِ فَكَانَ كَالسَّوَائِمِ. وَعَلَيْهِ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. (١)

وَهَذَا الْحُكْمُ (دَفْعُ زَكَاةِ الأَْمْوَال الظَّاهِرَةِ إِلَى الأَْئِمَّةِ) إِذَا كَانَ الأَْئِمَّةُ عُدُولاً فِي أَخْذِهَا وَصَرْفِهَا.

وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ عُدُولٍ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَذَلِكَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ، فَإِنْ طَلَبَهَا الإِْمَامُ الْعَدْل فَادَّعَى الْمُزَكِّي إِخْرَاجَهَا لَمْ يُصَدَّقْ، (٢) وَاَلَّذِي فِي كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ السَّلاَطِينَ الَّذِينَ لاَ يَضَعُونَ الزَّكَاةَ مَوَاضِعَهَا إِذَا أَخَذُوا الزَّكَاةَ أَجْزَأَتْ عَنِ الْمُزَكِّينَ، لأَِنَّ وِلاَيَةَ الأَْخْذِ لَهُمْ، فَلاَ تُعَادُ. وَقَال بَعْضُهُمْ: يَسْقُطُ الْخَرَاجُ وَلاَ تَسْقُطُ الزَّكَوَاتُ. وَمُؤَدَّى هَذَا أَنَّهُ إِذَا كَانَ الإِْمَامُ غَيْرَ عَادِلٍ فَلِلْمُزَكِّي إِخْرَاجُ زَكَاتِهِ. (٣)

وَالْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ. أَنَّهُ إِذَا كَانَ الإِْمَامُ عَدْلاً فَفِيهَا قَوْلاَنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الإِْيجَابِ، وَلَيْسَ لَهُمْ التَّفَرُّدُ بِإِخْرَاجِهَا، وَلاَ تُجْزِئُهُمْ إِنْ أَخْرَجُوهَا. (٤)


(١) البدائع ٢ / ٣٧ وما بعدها ط شركة المطبوعات، والشرح الكبير ١ / ٤٦٢ ط دار الفكر، والأحكام السلطانية ص ١١٣.
(٢) الشرح الكبير ١ / ٤٦٢.
(٣) البدائع ٢ / ٣٦.
(٤) الأحكام السلطانية ص ١١٣ ط الحلبي.