للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْقِصَاصَ لاَ يُسْتَوْفَى إِلاَّ بِالسَّيْفِ، لِقَوْل النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: لاَ قَوَدَ إِلاَّ بِالسَّيْفِ. (١)

وَالْقَوَدُ هُوَ الْقِصَاصُ، فَكَانَ هَذَا نَفْيُ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ بِغَيْرِ السَّيْفِ. (٢)

وَإِنْ أَرَادَ الْوَلِيُّ أَنْ يَقْتُل بِغَيْرِ السَّيْفِ لاَ يُمَكَّنُ لِلْحَدِيثِ، وَلَوْ فَعَل يُعَزَّرُ، لَكِنْ لاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ، لأَِنَّ الْقَتْل حَقُّهُ، فَإِذَا قَتَلَهُ فَقَدِ اسْتَوْفَى حَقَّهُ بِأَيِّ طَرِيقٍ كَانَ، إِلاَّ أَنَّهُ يَأْثَمُ بِالاِسْتِيفَاءِ بِطَرِيقٍ غَيْرِ مَشْرُوعٍ، لِمُجَاوَزَتِهِ حَدَّ الشَّرْعِ. (٣)

وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ - وَهُوَ إِحْدَى رِوَايَتَيْنِ لِلْحَنَابِلَةِ - أَنَّ الْقَاتِل يُقْتَل بِمِثْل مَا قَتَل بِهِ، وَدَلِيلُهُ: حَدِيثُ الْيَهُودِيِّ الَّذِي رَضَّ رَأْسَ مُسْلِمَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرَضَّ رَأْسُهُ كَذَلِكَ. (٤) وَهَذَا إِنْ ثَبَتَ الْقَتْل بِبَيِّنَةٍ أَوِ اعْتِرَافٍ.


(١) حديث " لا قود إلا بالسيف " أخرجه ابن ماجه من حديث أبي بكر، والنعمان بن بشير مرفوعا. وأما حديث أبي بكرة قال أبو حاتم: حديث منكر، وأعله البيهقي بمبارك بن فضالة. وأما حديث النعمان بن بشير فسنده ضعيف أيضا، قال عبد الحق وابن عدي وابن الجوزي: طرقه كلها ضعيفة، قال ابن حجر في التلخيص: رواه ابن ماجه والبزار والطحاوي والطبراني والدارقطني والبيهقي، وألفاظهم مختلفة. وإسناده ضعيف، قال البيهقي: أحاديث هذا الباب كلها ضعيفة (سنن ابن ماجه بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ٢ / ٨٩ ط عيسى الحلبي ١٣٧٣ هـ، وفيض القدير ٦ / ٤٣٦ نشر المكتبة التجارية ١٣٥٧ هـ، وتلخيص الحبير ٤ / ١٩ ط شركة الطباعة الفنية ١٣٨٤ هـ، والدراية في تخريج أحاديث الهداية ٢ / ٢٦٥ ط مطبعة الفجالة ١٣٨٤ هـ) .
(٢) المغني ٩ / ٣٩٣ وما بعدها ط المنار ١٣٤٨ هـ، والبدائع ٧ / ٢٤٥.
(٣) البدائع ٧ / ٢٤٥، ٢٤٦، والمغني ٩ / ٣٩٠ ط المنار.
(٤) حديث اليهودي الذي رضَّ رأس مسلمة. أخرجه البخاري من حديث أنس رضي الله عنه بلفظ " أن يهوديا رض رأس جارية بين حجرين. قيل: من فعل هذا بك، أفلان؟ أفلان؟ حتى سمي اليهودي فأومأت برأسها، فأخذ اليهودي فاعترف، فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم فرض رأسه بين حجرين ". (فتح الباري ٥ / ٧١ ط السلفية) .