للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَلَمْ يَشْتَرِطُوا فِي النَّاظِرِ شُرُوطًا خَاصَّةً لَكِنَّهُمْ قَالُوا: يَجْعَلُهُ الْمُحْبِسُ لِمَنْ يُوثَقُ بِهِ فِي دِينِهِ وَأَمَانَتِهِ، فَإِنْ غَفَل الْمُحْبِسُ عَنْ ذَلِكَ كَانَ النَّظَرُ فِيهِ لِلْقَاضِي يُقَدِّمُ لَهُ مَنْ يَقْتَضِيهِ (١) ، وَقَال الْحَطَّابُ: يُقَدِّمُ لَهُ مَنْ يَرْتَضِيهِ (٢) .

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: شَرْطُ النَّاظِرِ الْعَدَالَةُ وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى رُشَدَاءَ مُعَيَّنِينَ، لأَِنَّ النَّظَرَ وِلاَيَةٌ، كَمَا فِي الْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ، وَالأَْوْجَهُ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي مَنْصُوبِ الْحَاكِمِ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْتَفَى فِي مَنْصُوبِ الْوَاقِفِ بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ.

وَيُشْتَرَطُ فِيهِ كَذَلِكَ الْكِفَايَةُ، وَفَسَّرُوهَا بِقُوَّةِ الشَّخْصِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى التَّصَرُّفِ فِيمَا هُوَ نَاظِرٌ فِيهِ، فَإِنِ اخْتَلَّتْ إِحْدَاهُمَا نَزَعَ الْحَاكِمُ الْوَقْفَ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ الْمَشْرُوطُ لَهُ النَّظَرُ الْوَاقِفَ.

وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ شَرْطًا آخَرَ وَهُوَ الاِهْتِدَاءُ إِلَى التَّصَرُّفِ، وَإِنْ كَانَ الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ قَال: إِنَّ فِي ذِكْرِ الْكِفَايَةِ كِفَايَةً عَنْ هَذَا الشَّرْطِ (٣) .

أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَقَدْ فَصَّلُوا بَيْنَ النَّاظِرِ الْمَشْرُوطِ وَبَيْنَ مَنْ يَتَوَلَّى النَّظَرَ مِنْ قِبَل الْحَاكِمِ فَقَالُوا:


(١) التاج والإكليل بهامش الحطاب ٦ / ٣٧.
(٢) مواهب الجليل ٦ / ٣٧.
(٣) مغني المحتاج ٢ / ٣٩٣، ٣٩٤.