للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِلاَّ أَنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ اسْتَثْنَى بَعْضَ الأَْحْكَامِ وَمِنْهُمُ الإِْمَامُ أَحَمْدُ حَيْثُ إِنَّهُ يَعُدُّ الْكَافِرَ مَحْرَمًا فِي النَّظَرِ دُونَ السَّفَرِ، قَال الْبُهُوتِيُّ: لاَ تُسَافِرُ الْمُسْلِمَةُ مَعَ أَبِيهَا الْكَافِرِ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ مَحْرَمًا لَهَا فِي السَّفَرِ نَصًّا، وَإِنْ كَانَ مَحْرَمًا فِي النَّظَرِ (١) ، وَمُقْتَضَاهُ إِلْحَاقُ سَائِرِ الْقَرَابَةِ الْمَحْرَمِيَّةِ الْكَفَّارِ بِالأَْبِ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ.

وَاسْتَدَل الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ إِثْبَاتَ الْمَحْرَمِيَّةِ يَقْتَضِي الْخَلْوَةَ بِهَا، فَيَجِبُ أَنْ لاَ تَثْبُتَ لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمَةٍ، كَالْحَضَانَةِ لِلطِّفْل، وَلأَِنَّهُ لاَ يُؤْمَنُ عَلَيْهَا أَنْ يَفْتِنَهَا عَنْ دِينِهَا كَالطِّفْل (٢) .

كَمَا اسْتَدَلُّوا بِأَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَتَى الْمَدِينَةَ وَهُوَ مُشْرِكٌ فَدَخَل عَلَى ابْنَتِهِ أُمِّ حَبِيبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَطَوَتْ فِرَاشَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. لِئَلاَّ يَجْلِسَ عَلَيْهِ (٣) وَلَمْ تُحْتَجَبْ مِنْهُ، وَلاَ أَمَرَهَا بِذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ الْمَجُوسِيَّ مِنَ السَّفَرِ مَعَ مَحْرَمِهِ، قَال الْمَوْصِلِيُّ: الْمَحْرَمُ: كُل مَنْ لاَ يَحِل لَهُ نِكَاحُهَا عَلَى التَّأْبِيدِ لِقَرَابَةٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرِيَّةٍ، وَالْعَبْدُ وَالْحُرُّ وَالْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ سَوَاءٌ،


(١) كشاف القناع ٥ / ١٢.
(٢) المغني مع الشرح الكبير ٣ / ١٩٢، ١٩٣.
(٣) أثر: " أن أبا سفيان أتى المدينة وهو مشرك فدخل على ابنته أم حبيبة. . ". أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (٨ / ٩٩ - ١٠٠) من حديث الزهري مرسلاً.