للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِالْكُلِّيَّةِ، فَلاَ مَعْنَى لإِِسْقَاطِ مَا هُوَ سَاقِطٌ فِعْلاً، وَيَكُونُ الإِْبْرَاءُ مِنْهُ مُجَرَّدَ امْتِنَاعٍ، وَهُوَ غَيْرُ مُلْزِمٍ، لأَِنَّهُ وَعْدٌ، وَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ وَالْمُطَالَبَةُ بِمَا أَبْرَأَ مِنْهُ، عَلَى مَا سَبَقَ. (١)

٣٧ - وَأَمَّا بَعْدَ وُجُودِ السَّبَبِ فَفِي اشْتِرَاطِ وُجُوبِ الْحَقِّ وَحُصُولِهِ فِعْلاً خِلاَفٌ: فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ (الْحَنَفِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْظْهَرِ، وَالْحَنَابِلَةُ) إِلَى أَنَّهُ شَرْطٌ، فَلاَ يَصِحُّ الإِْبْرَاءُ قَبْل الْوُجُوبِ وَإِنْ انْعَقَدَ السَّبَبُ، وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ لاَ طَلاَقَ وَلاَ عَتَاقَ فِيمَا لاَ يُمْلَكُ (٢) . وَالإِْبْرَاءُ فِي مَعْنَاهُمَا، وَقَدِ اعْتَبَرُوا مَا لَمْ يَجِبْ سَاقِطًا فَلاَ مَعْنَى لإِِسْقَاطِهِ. (٣)

وَقَدْ مَثَّل الْحَنَفِيَّةُ لِذَلِكَ بِالإِْبْرَاءِ عَنْ نَفَقَةِ الزَّوْجِيَّةِ قَبْل فَرْضِهَا (أَيْ الْقَضَاءِ بِتَقْدِيرِهَا) فَلاَ يَصِحُّ، لأَِنَّهُ إِبْرَاءٌ قَبْل الْوُجُوبِ - بِالرَّغْمِ مِنْ وُجُودِ السَّبَبِ وَهُوَ الاِحْتِبَاسُ - وَإِسْقَاطُ الشَّيْءِ قَبْل وُجُوبِهِ لاَ يَصِحُّ. وَمِنَ الأَْمْثِلَةِ الدَّقِيقَةِ الَّتِي أَوْرَدُوهَا الإِْبْرَاءُ فِي بَابِ الْغَصْبِ وَفَرَّقُوا فِي الْحُكْمِ بَيْنَ حَالَتَيْنِ فِيهِ تَبَعًا لِوُجُوبِ مَا تَعَلَّقَ بِهِ الإِْبْرَاءُ، وَذَلِكَ فِيمَا لَوْ أَبْرَأَ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ


(١) الالتزامات للحطاب (كما في فتح العلي المالك ١ / ٣٢٢)
(٢) حديث " لا طلاق ولا عتاق فيما لا يملك " رواه أبو داود والحاكم بلفظ " لا طلاق إلا فيما يملك ولا عتق إلا فيما يملك ". رواه ابن ماجه عن المسور بن مخرمة بلفظ " لا طلاق قبل النكاح ولا عتاق قبل ملك ". قال ابن حجر: سنده حسن. وله طرق أخرى (تلخيص الحبير ٣ / ٢١٠) . (فيض القدير ٦ / ٤٣٢)
(٣) الأشباه والنظائر للسيوطي ٤١٠ ط عيسى الحلبي، والفتاوى الكبرى لابن حجر ٣ / ٨٢، والقليوبي ٢ / ٢١١ و٣ / ٢٨٢، والشرواني على التحفة ٧ / ٣٩٧، والفروع ٤ / ١٩٥، وكشاف القناع ٤ / ٢٥٦