للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ظَنِّهِ أَنَّ الضَّرْبَ لاَ يُفِيدُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَخُوفًا لَمْ يَجُزِ التَّعْزِيرُ بِالضَّرْبِ، وَإِلاَّ كَانَ ضَامِنًا بِلاَ خِلاَفٍ، لأَِنَّ الضَّرْبَ غَيْرُ الْمُعْتَادِ، وَاَلَّذِي لاَ يُعْتَبَرُ مِثْلُهُ أَدَبًا، تَعَدٍّ وَإِسْرَافٌ فَيُوجِبُ الضَّمَانَ. (١)

٢٧ - أَمَّا إِذَا ضَرَبَ لِلتَّأْدِيبِ عَلَى النَّحْوِ الْمَشْرُوعِ مِنْ غَيْرِ إِسْرَافٍ - كَمَا فَسَّرَهُ الرَّمْلِيُّ - بِأَنْ يَكُونَ الضَّرْبُ مُعْتَادًا كَمًّا وَكَيْفًا وَمَحَلًّا - كَمَا عَبَّرَ الطَّحْطَاوِيُّ - فَتَلِفَ، كَضَرْبِ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ لِنُشُوزِهَا، فَتَلِفَتْ مِنَ التَّأْدِيبِ الْمَشْرُوعِ، لاَ يَضْمَنُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَيَضْمَنُ عَنِ التَّلَفِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَلَوْ كَانَ الضَّرْبُ مُعْتَادًا، لأَِنَّ التَّأْدِيبَ حَقٌّ، وَاسْتِعْمَال الْحَقِّ يُقَيَّدُ بِالسَّلاَمَةِ عِنْدَهُمَا، وَلاَ يُقَيَّدُ بِهَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي مَوْضِعِهَا. (٢)

وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ (مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدٌ، وَالشَّافِعِيُّ فِي الأَْصَحِّ، وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ) عَلَى أَنَّ عُقُوبَةَ الْجَلْدِ فِي التَّعْزِيرِ لاَ تَتَجَاوَزُ تِسْعَةً وَثَلاَثِينَ سَوْطًا، لِمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: مَنْ بَلَغَ حَدًّا فِي غَيْرِ حَدٍّ فَهُوَ مِنَ الْمُعْتَدِينَ. (٣) لأَِنَّ الأَْرْبَعِينَ حَدٌّ كَامِلٌ لِلرَّقِيقِ، فَإِذَا نَقَصَتْ سَوْطًا أَصْبَحَ الْحَدُّ الأَْعْلَى لِلتَّعْزِيرِ تِسْعَةً


(١) المغني ٨ / ٣٢٧، وأسنى المطالب ٣ / ٢٣٩، ومواهب الجليل ٤ / ١٥، ١٦، والطحطاوي ٤ / ٣٧٥، والأم ٦ / ١٧٦.
(٢) المراجع السابقة، ونهاية المحتاج ٨ / ٢٨، ومنح الجليل ٤ / ٥٥٦، والأشباه لابن نجيم ص ٢٨٩.
(٣) حديث: " من بلغ حدا في غير حد فهو من المعتدين " أخرجه البيهقي من حديث النعمان بن بشير، وقال: والمحفوظ هذا الحديث مرسل (السنن الكبرى للبيهقي ٨ / ٣٢٧ ط الهند، وفيض القدير ٦ / ٩٥ نشر المكتبة التجارية ١٣٥٧ هـ) .