للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَلَوْ قَتَل رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَسِيرًا فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ، فَالْحَنَفِيَّةُ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ قَبْل الْقِسْمَةِ أَوْ بَعْدَهَا، فَإِنْ كَانَ قَبْل الْقِسْمَةِ فَلاَ شَيْءَ فِيهِ مِنْ دِيَةٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ قِيمَةٍ، لأَِنَّ دَمَهُ غَيْرُ مَعْصُومٍ، إِذْ لِلإِْمَامِ فِيهِ خِيَرَةُ الْقَتْل، وَمَعَ هَذَا فَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، أَوْ بَعْدَ الْبَيْعِ فَيُرَاعَى فِيهِ حُكْمُ الْقَتْل، لأَِنَّ دَمَهُ صَارَ مَعْصُومًا، فَكَانَ مَضْمُونًا بِالْقَتْل، إِلاَّ أَنَّهُ لاَ يَجِبُ الْقِصَاصُ لِقِيَامِ الشُّبْهَةِ. (١) وَلَمْ يُفَرِّقُوا فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ هُوَ الآْسِرُ أَوْ غَيْرُهُ كَمَا يُفِيدُهُ الإِْطْلاَقُ.

وَالْمَالِكِيَّةُ يَتَّجِهُونَ وُجْهَةَ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ نَاحِيَةِ الضَّمَانِ، غَيْرَ أَنَّهُمْ جَعَلُوا التَّفْرِقَةَ فِيمَا إِذَا كَانَ الْقَتْل فِي دَارِ الْحَرْبِ قَبْل أَنْ يَصِيرَ فِي الْمَغْنَمِ، أَوْ بَعْدَ أَنْ صَارَ مَغْنَمًا، وَيَنُصُّونَ عَلَى أَنَّ مَنْ قَتَل مَنْ نُهِيَ عَنْ قَتْلِهِ، فَإِنْ قَتَلَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَبْل أَنْ يَصِيرَ فِي الْمَغْنَمِ فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ، وَإِنْ قَتَلَهُ بَعْدَ أَنْ صَارَ مَغْنَمًا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ. (٢)

وَالشَّافِعِيَّةُ أَيْضًا يُلْزِمُونَ الْقَاتِل بِالضَّمَانِ، فَإِذَا كَانَ بَعْدَ اخْتِيَارِ رِقِّهِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ، وَكَانَ فِي الْغَنِيمَةِ. وَإِذَا كَانَ بَعْدَ الْمَنِّ عَلَيْهِ لَزِمَهُ دِيَتُهُ لِوَرَثَتِهِ. وَإِنْ قَتَلَهُ


(١) البدائع ٧ / ١٢١ ط الجمالية، والمبسوط ١٠ / ٦٤، ١٣٧، وفتح القدير ٤ / ٣٠٥، والسير الكبير ٣ / ١٢٠٧.
(٢) شرح منح الجليل على مختصر خليل ١ / ٧١٢، والتاج والإكليل ٣ / ٣٥٨، وحاشية الدسوقي ٢ / ١٨٤.