للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمَّا أَنَّ الرِّحَال لاَ تُشَدُّ لِغَيْرِهَا مِنَ الْمَسَاجِدِ فَلأَِنَّ غَيْرَهَا مِنَ الْمَسَاجِدِ لَيْسَ فِي مَعْنَاهَا، إِذْ هِيَ مُتَمَاثِلَةٌ، وَلاَ بَلَدَ إِلاَّ وَفِيهِ مَسْجِدٌ وَلاَ مَعْنَى لِلرِّحْلَةِ إِلَى مَسْجِدٍ آخَرَ، وَعَلَى هَذَا وَكَمَا قَال الْعُلَمَاءُ لَوْ عَيَّنَ مَسْجِدًا غَيْرَ الْمَسَاجِدِ الثَّلاَثَةِ لأَِدَاءِ فَرِيضَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ ذَلِكَ، لأَِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لِبَعْضِهَا فَضْلٌ عَلَى بَعْضٍ، فَلَمْ يَتَعَيَّنْ لأَِجْل ذَلِكَ مِنْهَا مَا عَيَّنَهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (١) .

كَمَا تَفْضُل هَذِهِ الْمَسَاجِدُ الثَّلاَثَةُ بِزِيَادَةِ ثَوَابِ الصَّلاَةِ فِيهَا عَنْهُ فِي غَيْرِهَا وَإِنْ كَانَتْ تَتَفَاضَل فِي هَذَا الثَّوَابِ فِيمَا بَيْنَهَا.

فَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: فَضْل الصَّلاَةِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَى غَيْرِهِ بِمِائَةِ أَلْفِ صَلاَةٍ، وَفِي مَسْجِدِي أَلْفُ صَلاَةٍ وَفِي مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ خَمْسُمِائَةِ صَلاَةٍ (٢) .

قَال الزَّرْكَشِيُّ: إِنَّ هَذِهِ الْمُضَاعَفَةَ فِي الْمَسْجِدَيْنِ لاَ تَخْتَصُّ بِالْفَرِيضَةِ، بَل تَعُمُّ النَّفْل وَالْفَرْضَ كَمَا قَال النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: إِنَّهُ


(١) إعلام الساجد بأحكام المساجد للزركشي ١٠٤ - ١٠٥، ٣٨٨ - ٣٩١.
(٢) حديث: " فضل الصلاة في المسجد الحرام على غيره بمائة ألف صلاة. . . ". أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (٤ / ٧) وعزاه للطبراني في الكبير ثم قال: " رجاله ثقات، وفي بعضهم كلام، وهو حديث حسن ".