للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاِسْتِرْقَاقُ أَوِ الْفِدَاءُ. (١) وَتَفْصِيلُهُ فِي (سَبْي) .

كَمَا يَتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الأَْسِيرَ الْحَرْبِيَّ الَّذِي أَعْلَنَ إِسْلاَمَهُ قَبْل الْقِسْمَةِ، لاَ يَحِقُّ لِلإِْمَامِ قَتْلُهُ، لأَِنَّ الإِْسْلاَمَ عَاصِمٌ لِدَمِهِ عَلَى مَا سَيَأْتِي.

١٩ - وَيَقُول الشَّافِعِيَّةُ: إِنْ خَفِيَ عَلَى الإِْمَامِ أَوْ أَمِيرِ الْجَيْشِ الأَْحَظُّ حَبَسَهُمْ حَتَّى يَظْهَرَ لَهُ، لأَِنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى الاِجْتِهَادِ، وَيُصَرِّحُ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ هَذَا مَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، إِذَا لَمْ يَكُنْ يُوجَدُ تَأْمِينٌ لَهُمْ. (٢)

٢٠ - وَقَال قَوْمٌ: لاَ يَجُوزُ قَتْل الأَْسِيرِ، وَحَكَى الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ أَنَّهُ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ.

وَالسَّبَبُ فِي الاِخْتِلاَفِ تَعَارُضُ الآْيَةِ فِي هَذَا الْمَعْنَى، وَتَعَارُضُ الأَْفْعَال، وَمُعَارَضَةُ ظَاهِرِ الْكِتَابِ لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، لأَِنَّ ظَاهِرَ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ} أَنَّهُ لَيْسَ لِلإِْمَامِ بَعْدَ الأَْسْرِ إِلاَّ الْمَنُّ أَوِ الْفِدَاءُ. وقَوْله تَعَالَى {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَْرْضِ} (٣) وَالسَّبَبُ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ يَدُل عَلَى أَنَّ الْقَتْل أَفْضَل مِنْ الاِسْتِبْقَاءِ. وَأَمَّا فِعْل الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَقَدْ قَتَل الأَْسَارَى فِي غَيْرِ مَوْطِنٍ، فَمَنْ رَأَى أَنَّ الآْيَةَ الْخَاصَّةَ بِالأَْسَارَى نَاسِخَةٌ لِفِعْلِهِ قَال:


(١) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي ٢ / ١٨٤.
(٢) شرح السير الكبير ٢ / ٥٩٠، وحاشية ابن عابدين ٣ / ٢٢٩، وفتح القدير ٤ / ٣٠٥، والزيلعي ٣ / ٢٤٩، ومواهب الجليل والتاج والإكليل ٣ / ٣٥٨، وحاشية الدسوقي ٢ / ١٨٤، وبداية المجتهد ١ / ٣٩٢، وتحفة المحتاج ٨ / ٣٩، وشرح روض الطالب ٤ / ٦٩٣، وحاشية الجمل على المنهج ٥ / ٦٩٧، والإنصاف ٤ / ١٣٠، والمغني ١٠ / ٤٠٠، ومطالب أولي النهى ٢ / ٥١٩.
(٣) سورة الأنفال / ٦٧.