للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَلاَ تُوصَفُ بِالْبَرَاءَةِ، فَإِذَا أُطْلِقَ هَذَا التَّعْبِيرُ فَالْمُرَادُ الصَّحِيحُ مِنْهُ الإِْبْرَاءُ عَنْ عُهْدَتِهَا أَوْ دَعْوَاهَا وَالْمُطَالَبَةِ بِهَا، كَمَا صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (أَوْ هُوَ ثُبُوتُ الْبَرَاءَةِ بِالنَّفْيِ مِنَ الأَْصْل، أَوْ بِرَدِّ الْعَيْنِ إِلَى صَاحِبِهَا فِي إِبْرَاءِ الاِسْتِيفَاءِ الَّذِي عُنِيَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ) أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَدْ صَرَّحُوا أَنَّ الْمُرَادَ سُقُوطُ الطَّلَبِ بِقِيمَةِ الْعَيْنِ إِذَا فَوَّتَهَا الْمُبْرَأُ، وَسُقُوطُ الطَّلَبِ بِرَفْعِ الْيَدِ عَنْهَا إِنْ كَانَتْ قَائِمَةً. (١)

وَلِلْحَنَفِيَّةِ هُنَا تَفْصِيلٌ بَيْنَ الإِْبْرَاءِ عَنِ الْعَيْنِ صَرَاحَةً، وَبَيْنَ الإِْبْرَاءِ عَنْهَا ضِمْنًا، أَوْ مِنْ خِلاَل الإِْبْرَاءِ الْعَامِّ، فَإِذَا كَانَ الإِْبْرَاءُ ضِمْنِيًّا كَمَا لَوْ جَاءَ فِي عَقْدِ الصُّلْحِ، فَعَلَى جَوَابِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَصِحُّ الصُّلْحُ وَالإِْبْرَاءُ، وَلاَ تُسْمَعُ الدَّعْوَى بَعْدَهُ؛ لأَِنَّ هَذَا بِمَعْنَى الإِْبْرَاءِ عَنْ دَعْوَى الْعَيْنِ لاَ عَنِ الْعَيْنِ نَفْسِهَا. وَعَلَى جَوَابِ الْهِدَايَةِ لاَ يَصِحُّ؛ لأَِنَّ الصُّلْحَ عَلَى بَعْضِ الْمُدَّعَى بِهِ إِسْقَاطٌ لِلْبَاقِي، فَيَكُونُ بِمَعْنَى الإِْبْرَاءِ عَنِ الْعَيْنِ مُبَاشَرَةً.

وَإِنْ كَانَ الإِْبْرَاءُ عَامًّا فَإِنَّهُ يَشْمَل الأَْعْيَانَ وَغَيْرَهَا، فَالْخِلاَفُ لَيْسَ فِي هَذَا. فَمَا جَاءَ فِي بَعْضِ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ كَالْفَتَاوَى الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ أَنَّ الإِْبْرَاءَ مَتَى


(١) حاشية ابن عابدين ٤ / ٤٧٤ و٢ / ٥٦٦، والفتاوى الخانية ٣ / ٩٠، والقليوبي ٣ / ١٣، وكشف المخدرات ٢٥٧ ط السلفية، وشرح منتهى الإرادات ٢ / ٥٢١، والدسوقي ٣ / ٤١١، والحطاب ٥ / ٢٣٢ وفيه التعقب على القرافي في الذخيرة لإطلاقه منع الإبراء عن الأعيان دون التفصيل المذكور. وقد اعتبر الدسوقي ذلك الإطلاق خلاف الصواب عند المالكية، وإعلام الأعلام بأحكام الإقرار العام لابن عابدين في مجموعة رسائله ٢ / ٩٧، ٩٨