للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَدَى تَطْبِيقِ بَعْضِ الأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ

حَقُّ الأَْسِيرِ فِي الْغَنِيمَةِ:

٧٠ - يَسْتَحِقُّ مَنْ أُسِرَ قَبْل إِحْرَازِ الْغَنِيمَةَ فِيمَا غُنِمَ قَبْل الأَْسْرِ، إِذَا عُلِمَ حَيَاتُهُ أَوِ انْفَلَتَ مِنَ الأَْسْرِ. لأَِنَّ حَقَّهُ ثَابِتٌ فِيهَا، وَبِالأَْسْرِ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَهْلاً، لِتَقَرُّرِ حَقِّهِ بِالإِْحْرَازِ. وَلاَ شَيْءَ لَهُ فِيمَا غَنِمَهُ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ أَسْرِهِ، لأَِنَّ الْمَأْسُورَ فِي يَدِ أَهْل الْحَرْبِ لاَ يَكُونُ مَعَ الْجَيْشِ حَقِيقَةً وَلاَ حُكْمًا، فَهُوَ لَمْ يُشَارِكْهُمْ فِي إِصَابَةِ هَذَا، وَلاَ فِي إِحْرَازِهِ بِالدَّارِ. وَإِذَا لَمْ يُعْرَفْ مَصِيرُ هَذَا الأَْسِيرِ فِي يَدِ الْحَرْبِيِّينَ قُسِمَتِ الْغَنَائِمُ، وَلَمْ يُوقَفْ لَهُ مِنْهَا شَيْءٌ. وَإِنْ قُسِمَتِ الْغَنَائِمُ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ حَيًّا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ، لأَِنَّ حَقَّ الَّذِينَ قُسِمَ بَيْنَهُمْ قَدْ تَأَكَّدَ بِالْقِسْمَةِ وَثَبَتَ مِلْكُهُمْ فِيهَا، وَمِنْ ضَرُورَتِهِ إِبْطَال الْحَقِّ الضَّعِيفِ. وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ إِذَا هَرَبَ فَأَدْرَكَ الْحَرْبَ قَبْل تَقَضِّيهَا أُسْهِمَ لَهُ، وَفِي قَوْلٍ لاَ شَيْءَ لَهُ. وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ إِحْرَازِ الْغَنِيمَةِ فَلاَ شَيْءَ لَهُ. (١)

٧١ - وَمَنْ أُسِرَ بَعْدَ إِخْرَاجِ الْغَنَائِمِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ أَوْ بَيْعِهَا، وَكَانَ قَدْ تَخَلَّفَ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِحَاجَةِ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُ يُوقَفُ نَصِيبُهُ حَتَّى يَجِيءَ فَيَأْخُذَهُ، أَوْ يَظْهَرَ مَوْتُهُ فَيَكُونَ لِوَرَثَتِهِ، لأَِنَّ حَقَّهُ قَدْ تَأَكَّدَ فِي الْمَال الْمُصَابِ بِالإِْحْرَازِ. (٢)

وَفِي بِدَايَةِ الْمُجْتَهِدِ: أَنَّ الْغَنِيمَةَ إِنَّمَا تَجِبُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لِلْمُجَاهِدَيْنِ بِأَحَدِ شَرْطَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ


(١) السير الكبير وشرحه ٣ / ٩١٣، ٩١٤، والإنصاف ٤ / ١٦٥.
(٢) شرح السير الكبير ٣ / ٩١٣، ٩١٤.