للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَهْدِيُّ ثُمَّ الْهَادِي ثُمَّ الرَّشِيدُ ثُمَّ الْمَأْمُونُ فَآخِرُ مَنْ جَلَسَ لَهَا الْمُهْتَدِي (١) .

وَهَكَذَا صَارَ النَّظَرُ فِي الْمَظَالِمِ وَرَدِّهَا مِنْ وَاجِبَاتِ الْخَلِيفَةِ، وَهُوَ الإِِِْمَامُ الأَْعْظَمُ، وَمِنْهُ تَنْتَقِل إِِلَى اخْتِصَاصِ الأَْمِيرِ الْمُعَيَّنِ عَلَى إِِقْلِيمٍ أَوْ بَلَدٍ، عِنْدَمَا يَكُونُ عَامَّ النَّظَرِ، وَيَتَعَاوَنُ مَعَ الْقُضَاةِ، وَهُوَ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنِ الْوَالِي وَالأَْمِيرِ: " وَأَمَّا نَظَرُهُ فِي الْمَظَالِمِ، فَإِِِنْ كَانَ مِمَّا نُفِّذَتْ فِيهِ الأَْحْكَامُ، وَأَمْضَاهُ الْقُضَاةُ وَالْحُكَّامُ، جَازَ لَهُ النَّظَرُ فِي اسْتِيفَائِهِ، مَعُونَةً لِلْمُحِقِّ عَلَى الْمُبْطِل، وَانْتِزَاعًا لِلْحَقِّ مِنَ الْمُعْتَرِفِ الْمُمَاطِل، لأَِنَّهُ مَوْكُولٌ إِِلَى الْمَنْعِ مِنَ التَّظَالُمِ وَالتَّغَالُبِ، وَمَنْدُوبٌ إِِلَى الأَْخْذِ بِالتَّعَاطُفِ وَالتَّنَاصُفِ، فَإِِِنْ كَانَتِ الْمَظَالِمُ مِمَّا تُسْتَأْنَفُ فِيهَا الأَْحْكَامُ، وَيُبْتَدَأُ فِيهَا الْقَضَاءُ، مَنَعَ هَذَا الأَْمِيرُ، لأَِنَّهُ مِنَ الأَْحْكَامِ الَّتِي يَتَضَمَّنُهَا عَقْدُ إِِمَارَتِهِ، وَرَدَّهُمْ إِِلَى حَاكِمِ بَلَدِهِ، فَإِِِنْ نَفَّذَ حُكْمَهُ لأَِحَدِهِمْ بِحَقٍّ، قَامَ بِاسْتِيفَائِهِ إِِنْ ضَعُفَ عَنْهُ الْحَاكِمُ ". (٢)


(١) الأحكام السلطانية للماوردي ص ٧٧ - ٧٨، وانظر: الأحكام السلطانية، لأبي يعلى ص ٧٥، ومقدمة ابن خلدون ص ٢٢٢، والإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام للقرافي ص ١٦٢ ط. حلب.
(٢) الأحكام السلطانية للماوردي ص ٣٢ - ٣٣، والأحكام السلطانية لأبي يعلى الفراء ص ٣٦ ط. الثانية، البابي الحلبي.