للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَفِي اللِّعَانِ وَالْقَذْفِ خِلاَفٌ. فَقَدْ قَال الْحَنَفِيَّةُ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ: إِنَّ الإِْشَارَةَ لاَ تَقُومُ مَقَامَ النُّطْقِ فِيهِمَا، لأَِنَّ فِي الإِْشَارَةِ شُبْهَةً يُدْرَأُ بِهَا الْحَدُّ، وَقَال مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ: إِشَارَةُ الأَْخْرَسِ كَنُطْقِهِ فِيهِمَا (١) .

وَلاَ فَرْقَ فِي اعْتِبَارِ إِشَارَةِ الأَْخْرَسِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى الْكِتَابَةِ، أَوْ عَاجِزًا عَنْهَا، وَلاَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْخَرَسُ أَصَالَةً أَوْ طَارِئًا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ (٢) .

وَنُقِل عَنْ الْمُتَوَلِّي مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: إِنَّمَا تُعْتَبَرُ إِشَارَةُ الأَْخْرَسِ إِذَا كَانَ عَاجِزًا عَنِ الْكِتَابَةِ، لأَِنَّهَا أَضْبَطُ (٣) . وَلَمْ يُفَرِّقِ الْمَالِكِيَّةُ بَيْنَ إِشَارَةِ الأَْخْرَسِ وَكِتَابَتِهِ، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ لِقَبُول إِشَارَتِهِ الْعَجْزُ عَنِ الْكِتَابَةِ (٤) .

وَيَشْتَرِطُ الْحَنَفِيَّةُ لِقَبُول إِشَارَتِهِ مَا يَلِي:

أ - أَنْ يَكُونَ قَدْ وُلِدَ أَخْرَسَ، أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْخَرَسُ وَدَامَ حَتَّى الْمَوْتِ. وَهَذِهِ رِوَايَةُ الْحَاكِمِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَفِي هَذَا مِنَ الْحَرَجِ مَا فِيهِ، وَقَدَّرَ التُّمُرْتَاشِيُّ الاِمْتِدَادَ لِسَنَةٍ. وَفِي التَّتَارَخَانِيَّةِ: أَنَّهُ إِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ الْخَرَسُ وَدَامَ حَتَّى صَارَتْ إِشَارَتُهُ مَفْهُومَةً اُعْتُبِرَتْ إِشَارَتُهُ كَعِبَارَتِهِ وَإِلاَّ لَمْ تُعْتَبَرْ (٥) .


(١) روضة الطالبين ٨ / ٣٩، والمغني لابن قدامة ٣ / ٥٦٦، ٧ / ٣٩٦ ط الرياض، وحاشية ابن عابدين ٢ / ٤٢٥، والقوانين الفقهية ص ١٦١.
(٢) إعانة الطالبين ٤ / ١١، وروضة الطالبين ٣ / ٣٤١، ومواهب الجليل ٤ / ٢٢٩.
(٣) روضة الطالين ٨ / ٣٩.
(٤) الدسوقي ٢ / ٤١٢ ط التجارية.
(٥) حاشية ابن عابدين ٢ / ٤٢٥. واللجنة ترى أن هذا القول الأخير هو الذي ينبغي أن يعتمد درءا للحرج.