للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْعَقَارِ الأَْوَّل، وَتَشْمَل حُقُوقُ الاِرْتِفَاقِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ: حَقَّ الشُّرْبِ، وَحَقَّ الْمَجْرَى، وَحَقَّ الْمَسِيل، وَحَقَّ الْمُرُورِ، وَحَقَّ التَّعَلِّي، وَحَقَّ الْجِوَارِ (١) .

وَحُقُوقُ الاِرْتِفَاقِ لَيْسَتْ بِمُفْرَدِهَا مَالاً عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، لأَِنَّهَا أُمُورٌ لاَ يُمْكِنُ حَوْزُهَا وَادِّخَارُهَا، وَلِذَلِكَ قَالُوا بِعَدَمِ جَوَازِ بَيْعِهَا وَإِجَارَتِهَا وَهِبَتِهَا اسْتِقْلاَلاً، وَلَكِنَّهُمْ يَعْتَبِرُونَهَا حُقُوقًا مَالِيَّةً لِتَعَلُّقِهَا بِأَعْيَانٍ مَالِيَّةٍ، وَمِنْ هُنَا أَجَازُوا بَيْعَهَا تَبَعًا لِلْعَقَارِ الَّذِي ثَبَتَتْ لِمَنْفَعَتِهِ.

أَمَّا جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فَقَدِ اعْتَبَرُوهَا مِنْ قَبِيل الأَْمْوَال، وَأَجَازُوا - فِي الْجُمْلَةِ - بَيْعَهَا وَهِبَتَهَا اسْتِقْلاَلاً (٢) .

وَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ هَذِهِ الْحُقُوقَ لاَ تَسْقُطُ بِمَوْتِ صَاحِبِ الْحَقِّ، بَل تَنْتَقِل إِلَى وَرَثَتِهِ تَبَعًا لِلْعَقَارِ الَّذِي ثَبَتَتْ لِمَصْلَحَتِهِ، لأَِنَّهُ حُقُوقٌ مَالِيَّةٌ، فِيهَا مَعْنَى الْمَال، وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِأَعْيَانٍ مَالِيَّةٍ، وَلِهَذَا فَلاَ تَأْثِيرَ لِلْمَوْتِ عَلَيْهَا، سَوَاءٌ قِيل إِنَّهَا أَمْوَالٌ ذَاتُهَا أَوْ حُقُوقٌ مُتَعَلِّقَةٌ


(١) البحر الرائق ٦ / ١٤٨، وجامع الفصولين ١ / ٦٥، ومنح الجليل ٣ / ٦٩.
(٢) بدائع الصنائع ٦ / ١٨٩، وتبيين الحقائق ٦ / ٤٣، وفتح القدير ٦ / ٤٢٨.