للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٦ - لَكِنَّ الاِعْتِمَادَ عَلَى الشَّبَهِ بِقَوْل أَهْل الْخِبْرَةِ يَكُونُ فِيمَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَصٌّ أَوْ حُكْمٌ، وَلِذَلِكَ يُعْتَبَرُ اللِّعَانُ مَانِعًا مِنْ إِعْمَال الشَّبَهِ، وَقَدْ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّةِ الْمُتَلاَعِنَيْنِ: إِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَل الْعَيْنَيْنِ، سَابِغَ الأَْلْيَتَيْنِ، مُدْلِجَ السَّاقَيْنِ، فَهُوَ لِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ، فَجَاءَتْ بِهِ كَذَلِكَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْلاَ مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ اللَّهِ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ (١) .

وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلنَّصِّ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْحُكْمِ فَقَدْ قَال اللَّهُ تَعَالَى فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} وَقَدْ قَضَى الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِي بَعْضِ الْحَيَوَانَاتِ، كَقَوْل عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةَ: " فِي النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ (٢) . وَمَا لَمْ يَقْضِ فِيهِ الصَّحَابَةُ فَيُرْجَعُ فِيهِ إِلَى قَوْل عَدْلَيْنِ مِنْ أَهْل الْخِبْرَةِ (٣) .

٧ - وَيُلاَحَظُ أَنَّ الإِْمَامَ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُ يُخَالِفُونَ الْجُمْهُورَ فِي الاِعْتِمَادِ عَلَى الشَّبَهِ فِي النَّسَبِ. كَمَا أَنَّ الشَّبَهَ فِي حَزَّاءِ الصَّيْدِ هُوَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ مِنْ حَيْثُ الْخِلْقَةِ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الْمِثْل هُوَ الْقِيمَةُ (٤) . وَتَفْصِيل ذَلِكَ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي مَوَاضِعِهِ.


(١) حديث " لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن " أخرجه البخاري (الفتح ٨ / ٤٤٩ ط السلفية) .
(٢) " في النعامة بدنة " من قول عمر وعثمان وعلي وزيد بن ثابت وابن عباس ومعاوية. أخرجه الشافعي في الأم (٢ / ١٩٠ ط دار المعرفة وعنه البيهقي ٥ / ١٨٢ ط دائرة المعارف العثمانية) وقال الشافعي: هذا لا يثبت عند أهل العلم بالحديث. ونقله عنه البيهقي وأقره، ونقل عنهما ابن حجر في التلخيص (٣ / ٢٨٤ ط دار المحاسن) .
(٣) الطرق الحكمية ص ٢٠٠، ٢٠١.
(٤) المغني ٣ / ٥١١، والاختيار ١ / ١٦٦، ومنح الجليل ١ / ٥٣٩، والمهذب ١ / ٢٢٣.