للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ب - الشُّبْهَةُ:

٣ - يُقَال: اشْتَبَهَتِ الأُْمُورُ وَتَشَابَهَتِ: الْتَبَسَتْ فَلَمْ تَتَمَيَّزْ وَلَمْ تَظْهَرْ، وَمِنْهُ اشْتَبَهَتِ الْقِبْلَةُ وَنَحْوُهَا، وَالْجَمْعُ فِيهَا شُبَهٌ وَشُبُهَاتٌ (١) . وَقَدْ سَبَقَ أَنَّهَا مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ كَوْنُهُ حَرَامًا أَوْ حَلاَلاً نَتِيجَةَ الاِشْتِبَاهِ.

وَلِلْفُقَهَاءِ فِي تَقْسِيمِهَا وَتَسْمِيَتِهَا اصْطِلاَحَاتٌ، فَجَعَلَهَا الْحَنَفِيَّةُ نَوْعَيْنِ:

الأَْوَّل: شُبْهَةٌ فِي الْفِعْل، وَتُسَمَّى شُبْهَةُ اشْتِبَاهٍ أَوْ شُبْهَةُ مُشَابَهَةٍ، أَيْ شُبْهَةٌ فِي حَقِّ مَنِ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ فَقَطْ، بِأَنْ يَظُنَّ غَيْرَ الدَّلِيل دَلِيلاً، كَمَا إِذَا ظَنَّ جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ تَحِل لَهُ، فَمَعَ الظَّنِّ لاَ يُحَدُّ، حَتَّى لَوْ قَال: عَلِمْتُ أَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيَّ حُدَّ.

النَّوْعُ الثَّانِي: شُبْهَةٌ فِي الْمَحَل، وَتُسَمَّى شُبْهَةٌ حُكْمِيَّةٌ أَوْ شُبْهَةُ مِلْكٍ، أَيْ شُبْهَةٌ فِي حُكْمِ الشَّرْعِ بِحِل الْمَحَل. وَهِيَ تَمْنَعُ وُجُوبَ الْحَدِّ، وَلَوْ قَال عَلِمْتُ أَنَّهَا حَرَامٌ عَلَيَّ. وَتَتَحَقَّقُ بِقِيَامِ الدَّلِيل النَّافِي لِلْحُرْمَةِ فِي ذَاتِهِ، لَكِنْ لاَ يَكُونُ الدَّلِيل عَامِلاً لِقِيَامِ الْمَانِعِ كَوَطْءِ أَمَةِ الاِبْنِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْتَ وَمَالُكَ لأَِبِيكَ (٢) ، وَلاَ يَتَوَقَّفُ هَذَا النَّوْعُ عَلَى ظَنِّ الْجَانِي وَاعْتِقَادِهِ، إِذِ الشُّبْهَةُ بِثُبُوتِ الدَّلِيل قَائِمَةٌ (٣) . وَجَعَلَهَا الشَّافِعِيَّةُ ثَلاَثَةَ أَقْسَامٍ:

(١) شُبْهَةٌ فِي الْمَحَل، كَوَطْءِ الزَّوْجَةِ الْحَائِضِ أَوِ الصَّائِمَةِ، لأَِنَّ التَّحْرِيمَ لَيْسَ لِعَيْنِهِ بَل لأَِمْرٍ عَارِضٍ كَالإِْيذَاءِ وَإِفْسَادِ الْعِبَادَةِ.


(١) المصباح مادة: (شبه) .
(٢) حديث: " أنت ومالك لأبيك " أخرجه ابن ماجه (٢ / ٧٦٠ ط الحلبي) وقواه السخاوي في المقاصد (ص ١٠٢ ط الخانجي بمصر) .
(٣) الهداية والفتح والعناية ٤ / ١٤٠ - ١٤١، وتبيين الحقائق وحاشية الشلبي ٣ / ١٧٥ - ١٧٦، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص ٥٠.