للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمِنْ ذَلِكَ الْمُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ إِذَا رَأَى سَرَابًا، وَكَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ مَاءٌ، فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ أَنْ يَنْصَرِفَ، وَإِنِ اسْتَوَى الأَْمْرَانِ لاَ يَحِل لَهُ قَطْعُ الصَّلاَةِ، وَإِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلاَةِ، إِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ مَاءً يَلْزَمُهُ الإِْعَادَةُ، وَإِلاَّ فَلاَ. نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ (١) . وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّ مَنْ تَيَمَّمَ لِفَقْدِ الْمَاءِ فَوَجَدَهُ أَوْ تَوَهَّمَهُ بَطَل تَيَمُّمُهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي صَلاَةٍ. وَيَحْصُل هَذَا التَّوَهُّمُ بِرُؤْيَةِ سَرَابٍ. وَمَحَل بُطْلاَنِهِ بِالتَّوَهُّمِ إِنْ بَقِيَ مِنَ الْوَقْتِ زَمَنٌ لَوْ سَعَى فِيهِ إِلَى ذَلِكَ لأََمْكَنَهُ التَّطَهُّرُ بِهِ وَالصَّلاَةُ فِيهِ. وَإِذَا بَطَل التَّيَمُّمُ بِتَوَهُّمِ وُجُودِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ بُطْلاَنُهُ بِالظَّنِّ أَوِ الشَّكِّ أَوْلَى، سَوَاءٌ أَتَبَيَّنَ لَهُ خِلاَفُ ظَنِّهِ أَمْ لَمْ يَتَبَيَّنْ، لأَِنَّ ظَنَّ وُجُودِ الْمَاءِ مُبْطِلٌ لِلتَّيَمُّمِ. وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: إِنْ وُجِدَ الْمَاءُ بَعْدَ الدُّخُول فِي الصَّلاَةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ إِتْمَامُهَا (٢) .

وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّ مَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ إِذَا مَا طَلَبَ الْمَاءَ سَاغَ لَهُ التَّيَمُّمُ، وَلَوْ كَانَ خَوْفُهُ بِسَبَبِ ظَنِّهِ فَتَبَيَّنَ عَدَمُ السَّبَبِ. مِثْل مَنْ رَأَى سَوَادًا بِاللَّيْل ظَنَّهُ عَدُوًّا، فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَدُوٍّ بَعْدَ أَنْ تَيَمَّمَ وَصَلَّى لَمْ يُعِدْ لِكَثْرَةِ الْبَلْوَى. وَقِيل: يَلْزَمُهُ الإِْعَادَةُ، لأَِنَّهُ تَيَمَّمَ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ مُبِيحٍ لِلتَّيَمُّمِ (٣) .

هـ - الاِخْتِلاَطُ:

١٣ - يُقْصَدُ بِهِ اخْتِلاَطُ الْحَلاَل بِالْحَرَامِ وَعُسْرُ التَّمْيِيزِ بَيْنَهُمَا. كَمَا لَوِ اخْتَلَطَتِ الأَْوَانِي الَّتِي فِيهَا مَاءٌ طَاهِرٌ بِالأَْوَانِي الَّتِي فِيهَا مَاءٌ نَجِسٌ، وَاشْتَبَهَ الأَْمْرُ، بِأَنْ لَمْ


(١) الفتاوى البزازية بهامش الفتاوى الهندية ١ / ٦٠.
(٢) نهاية المحتاج ١ / ٢٨٦ - ٢٨٧، والمغني ١ / ٢٧١، ٢٧٢، ومنح الجليل ١ / ٩٣.
(٣) كشاف القناع ١ / ١٦٤ - ١٦٥، والمغني ١ / ٢٣٩.