للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُمْكِنِ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ اسْتِعْمَال الْمَاءِ، وَيَجِبُ التَّيَمُّمُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ قَوْل سَحْنُونٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، لأَِنَّ أَحَدَهُمَا نَجِسٌ يَقِينًا، وَالآْخَرُ طَاهِرٌ يَقِينًا، لَكِنْ عَجَزَ عَنِ اسْتِعْمَالِهِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ فَيُصَارُ إِلَى الْبَدَل.

وَتَفْصِيل ذَلِكَ يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى مُصْطَلَحِ (مَاءٌ) (١) . وَمِنْ هَذَا الْقَبِيل مَا إِذَا اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ ثِيَابٌ طَاهِرَةٌ بِنَجِسَةٍ، وَتَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ بَيْنَهَا، وَلَمْ يَجِدْ ثَوْبًا طَاهِرًا بِيَقِينٍ، وَلَيْسَ مَعَهُ مَا يُطَهِّرُهُمَا بِهِ، وَاحْتَاجَ إِلَى الصَّلاَةِ، فَالْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ خِلاَفًا لِلْمُزَنِيِّ، أَنَّهُ يَتَحَرَّى بَيْنَهَا، وَيُصَلِّي بِمَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ طَهَارَتُهُ. وَقَال الْحَنَابِلَةُ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: لاَ يَجُوزُ التَّحَرِّي وَيُصَلِّي فِي ثِيَابِ مِنْهَا بِعَدَدِ النَّجِسِ مِنْهَا، وَيَزِيدُ صَلاَةً فِي ثَوْبٍ آخَرَ. وَقَال أَبُو ثَوْرٍ وَالْمُزَنِيُّ: لاَ يُصَلِّي فِي شَيْءٍ مِنْهَا كَالأَْوَانِي (٢) .

وَإِنَّمَا يَتَحَرَّى - عِنْدَ مَنْ قَال بِذَلِكَ - إِذَا لَمْ يَجِدْ ثَوْبًا طَاهِرًا، أَوْ مَا يُطَهِّرُ بِهِ مَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ مِنَ الثِّيَابِ. وَإِذَا تَحَرَّى فَلَمْ يَتَرَجَّحْ أَحَدُهُمَا عَلَى الآْخَرِ صَلَّى فِي أَحَدِهِمَا. وَالْقَائِلُونَ بِالتَّحَرِّي هُنَا قَالُوا: لأَِنَّهُ لاَ خُلْفَ لِلثَّوْبِ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ، بِخِلاَفِ الاِشْتِبَاهِ فِي الأَْوَانِي، لأَِنَّ التَّطَهُّرَ بِالْمَاءِ لَهُ خُلْفٌ وَهُوَ التَّيَمُّمُ (٣) .


(١) البحر الرائق ١ / ١٤٠ - ١٤١، والأشباه والنظائر لابن نجيم ١ / ١٤٦، ومواهب الجليل والتاج والإكليل ١ / ١٧٠، وحاشية الدسوقي ١ / ٨٢، ونهاية المحتاج ١ / ٧٦، والمهذب ١ / ١٦، وكشاف القناع ١ / ٤٧، والمغني ١ / ٦٢.
(٢) المغني ١ / ٦٢ ط الرياض.
(٣) الطحطاوي على مراقي الفلاح ص ٢٠، والفتاوى الهندية ٥ / ٣٨٣، وحاشية الدسوقي ١ / ٧٩، ومواهب الجليل ١ / ١٦٠، ونهاية المحتاج ٢ / ١٦.