للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٩ - الْقَوْل الثَّانِي: لأَِبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَهُوَ قَوْل ابْنِ عَبَّاسٍ وَالثَّوْرِيِّ وَالأَْوْزَاعِيِّ وَمَكْحُولٍ وَالزُّهْرِيِّ وَهُوَ أَنَّهُ لاَ قَطْعَ عَلَى النَّبَّاشِ وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ قَطْعَ عَلَى الْمُخْتَفِي " (١) وَهُوَ النَّبَّاشُ بِلُغَةِ أَهْل الْمَدِينَةِ؛ وَلأَِنَّ نَبَّاشًا رُفِعَ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فَعَزَّرَهُ وَلَمْ يَقْطَعْ يَدَهُ وَفِي الْمَدِينَةِ بَقِيَّةُ الصَّحَابَةِ وَعُلَمَاءُ التَّابِعِينَ فَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ؛ وَلأَِنَّ أَطْرَافَ الْمَيِّتِ أَغْلَظُ حُرْمَةً مِنْ كَفَنِهِ، فَلَمَّا سَقَطَ ضَمَانُ أَطْرَافِهِ فَأَوْلَى أَنْ يَسْقُطَ الْقَطْعُ فِي أَكْفَانِهِ؛ وَلأَِنَّهُ يَجِبُ الْقَطْعُ بِسَرِقَةِ مَالٍ مُحَرَّزٍ مَمْلُوكٍ، وَهَذِهِ الأَْوْصَافُ مُخْتَلَّةٌ (٢) .

قَال فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ: لاَ قَطْعَ عَلَى النَّبَّاشِ؛ لأَِنَّ الشُّبْهَةَ تَمَكَّنَتْ فِي الْمِلْكِ؛ لأَِنَّهُ لاَ مِلْكَ لِلْمَيِّتِ حَقِيقَةً، وَلاَ لِلْوَارِثِ؛ لِتَقَدُّمِ حَاجَةِ الْمَيِّتِ وَقَدْ تَمَكَّنَ الْخَلَل فِي الْمَقْصُودِ وَهُوَ الاِنْزِجَارُ؛ لأَِنَّ الْجِنَايَةَ نَفْسَهَا نَادِرَةُ الْوُجُودِ. وَيَشْمَل هَذَا الْحُكْمُ مَا إِذَا كَانَ الْقَبْرُ فِي بَيْتٍ مُقْفَلٍ عَلَى الصَّحِيحِ وَمَا


(١) حديث: " لا قطع على المختفي " أورده الزيلعي في نصب الراية (٣ / ٣٦٧ ط المجلس العلمي) وقال: غريب. ثم ذكر أن ابن أبي شيبة أخرج موقوفا على ابن عباس رضي الله عنهم: (ليس على النباش قطع) وهو في المصنف (١٠ / ٣٦ ط الدار السلفية) .
(٢) المبسوط للسرخسي ٩ / ١٥٦ - ١٥٩، والبحر الرائق ٥ / ٦٠، وانظر الحاوي الكبير ١٧ / ١٨٤ وما بعدها، وفتح القدير مع الحواشي ٥ / ١٣٧ وما بعدها.