للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِثْل طِلاَءِ الإِْبِل، ثُمَّ أَمَرَ بِشُرْبِهِ، وَكَانَ عَلِيٌّ يَرْزُقُ النَّاسَ طِلاَءً يَقَعُ فِيهِ الذُّبَابُ، فَلاَ يَسْتَطِيعُ الْخُرُوجُ مِنْهُ، أَيْ لِحَلاَوَتِهِ.

حُكْمُ الأَْشْرِبَةِ الأُْخْرَى:

١٥ - تَقَدَّمَ أَنَّ مَذْهَبَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ تَحْرِيمُ كُل شَرَابٍ مُسْكِرٍ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ، وَعَلَى هَذَا فَإِنَّ الأَْشْرِبَةَ الْمُتَّخَذَةَ مِنَ الْحُبُوبِ وَالْعَسَل وَاللَّبَنِ وَالتِّينِ وَنَحْوِهَا يَحْرُمُ شُرْبُ قَلِيلِهَا إِذَا أَسْكَرَ كَثِيرُهَا، وَبِهَذَا قَال مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَهُمْ (١) . وَذَلِكَ لِلأَْدِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ أَنَّ " كُل شَرَابٍ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُل خَمْرٍ حَرَامٌ " وَغَيْرُ ذَلِكَ. وَرَأْيُ الْجُمْهُورِ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَأَنَسٍ، وَعَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ فُقَهَاءِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. وَبِذَلِكَ قَال ابْنُ الْمُسَيَّبِ، وَعَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ، وَالْقَاسِمُ، وَقَتَادَةُ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، وَالأَْوْزَاعِيُّ، وَجُمْهُورُ فُقَهَاءِ الْحِجَازِ، وَجُمْهُورُ الْمُحَدِّثِينَ عَنْ فُقَهَاءِ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ (٢) .

تَفْصِيلاَتٌ لِبَعْضِ الْمَذَاهِبِ فِي بَعْضِ الأَْشْرِبَةِ:

١٦ - اخْتَلَفَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي حُكْمِ


(١) البدائع ٥ / ٢٩٤٦، وتبيين الحقائق ٦ / ٤٦ - ٤٧، وابن عابدين ٥ / ٢٩٢ - ٢٩٣.
(٢) المغني ٨ / ٣٠٥ وما بعدها، والمواق ٦ / ٣١٨، ومغني المحتاج ٤ / ١٨٦، ١٨٧، والمنتقى على الموطأ ٣ / ١٤٧، والروضة ١٠ / ١٦٨.