للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهِيَ مِنْ قَبِيل الرُّخْصَةِ الْوَاجِبَةِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (١) . أَمَّا شُرْبُ الْخَمْرِ لِدَفْعِ الْعَطَشِ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ - وَهُوَ قَوْلٌ يُقَابِل الأَْصَحَّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - إِلَى جَوَازِ شُرْبِهَا فِي حَالَةِ الضَّرُورَةِ، كَمَا يُبَاحُ لِلْمُضْطَرِّ تَنَاوُل الْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ، وَقَيَّدَهَا الْحَنَفِيَّةُ بِقَوْلِهِمْ: إِنْ كَانَتِ الْخَمْرُ تَرُدُّ ذَلِكَ الْعَطَشَ (٢) وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا إِنْ لَمْ تَرُدَّ الْعَطَشَ لاَ يَجُوزُ. وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ - وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - إِلَى تَحْرِيمِ شُرْبِهَا لِدَفْعِ الْعَطَشِ، قَال الْمَالِكِيَّةُ: لأَِنَّهَا لاَ تُزِيل الْعَطَشَ، بَل تَزِيدُهُ حَرَارَةً لِحَرَارَتِهَا وَيُبُوسَتِهَا (٣) . وَقَيَّدَ الْحَنَابِلَةُ حُرْمَةَ شُرْبِهَا بِكَوْنِهَا صَرْفًا، أَيْ غَيْرَ مَمْزُوجَةٍ بِمَا يَرْوِي مِنَ الْعَطَشِ، فَإِنْ مُزِجَتْ بِمَا يَرْوِي مِنَ الْعَطَشِ جَازَ شُرْبُهَا لِدَفْعِ الضَّرُورَةِ (٤) . وَأَمَّا ضَرُورَةُ التَّدَاوِي فَسَيَأْتِي بَيَانُهَا فِي أَوَاخِرِ هَذَا الْبَحْثِ.

(الثَّانِي) مِنْ أَحْكَامِ الْخَمْرِ: أَنَّهُ يَكْفُرُ مُسْتَحِلُّهَا:

٢٢ - لَقَدْ ثَبَتَتْ حُرْمَةُ الْخَمْرِ بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ، وَهُوَ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ وَالسُّنَّةُ وَالإِْجْمَاعُ، كَمَا سَبَقَ. فَمَنِ اسْتَحَلَّهَا فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ حَلاَل الدَّمِ وَالْمَال (٥) . وَلِلتَّفْصِيل فِي ذَلِكَ انْظُرْ مُصْطَلَحَ: (رِدَّةٌ) .


(١) الفتاوى الهندية ٥ / ٤١٢، والدسوقي مع الشرح الكبير ٤ / ٣٥٢، والفواكه الدواني ٢ / ٢٨٩، والحطاب ٦ / ٣١٨، والخرشي على خليل ٨ / ١٠٨، وكشاف القناع ٦ / ١١٧، والإنصاف ١٠ / ٢٢٩، ومغني المحتاج ٤ / ١٨٨.
(٢) الفتاوى الهندية ٥ / ٤١٢، ونهاية المحتاج ٨ / ١٢.
(٣) الدسوقي مع الشرح الكبير ٤ / ٣٥٣، والفواكه الدواني ٢ / ٢٨٩، والحطاب ٦ / ٣١٨.
(٤) كشاف القناع ٦ / ١١٧.
(٥) الفتاوى الهندية ٥ / ٤١٠، والهداية مع فتح القدير ٩ / ٢٨، والمغني ٨ / ٣٠٣ و ٣٠٤، وشرح روض الطالب ٤ / ١٥٨.