للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ وَلَدَتْ تَوْأَمَيْنِ فَأَكْثَرَ فَأَوَّل النِّفَاسِ وَآخِرُهُ مِنِ ابْتِدَاءِ خُرُوجِ بَعْضِ الأَْوَّل فِي الْمَذْهَبِ كَمَا قَال الْمِرْدَاوِيُّ، لأَِنَّهُ دَمٌ خَرَجَ عَقِبَ الْوِلاَدَةِ، فَكَانَ نِفَاسًا وَاحِدًا كَحَمْلٍ وَاحِدٍ وَوَضْعِهِ، فَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْبَعُونَ فَأَكْثَرَ فَلاَ نِفَاسَ لِلثَّانِي نَصًّا؛ لأَِنَّ الْوَلَدَ الثَّانِيَ تَبَعٌ لِلأَْوَّل، فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِي آخِرِ النِّفَاسِ كَأَوَّلِهِ، بَل مَا خَرَجَ مَعَ الْوَلَدِ الثَّانِي بَعْدَ الأَْرْبَعِينَ مِنَ الأَْوَّل دَمُ فَسَادٍ؛ لأَِنَّهُ لاَ يَصْلُحُ حَيْضًا وَلاَ نِفَاسًا (١) .

١٣ - الرَّأْيُ الثَّانِي: يَرَى أَنَّ النِّفَاسَ يَبْدَأُ مِنَ الْوَلَدِ الأَْخِيرِ:

وَهُوَ قَوْل مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَأَصَحُّ الأَْوْجُهِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ (٢) .

وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ النِّفَاسَ يَتَعَلَّقُ بِوَضْعِ مَا فِي الْبَطْنِ، فَيَتَعَلَّقُ بِالْوَلَدِ الأَْخِيرِ كَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَهَذَا لأَِنَّهَا بَعْدُ حُبْلَى، وَكَمَا لاَ يُتَصَوَّرُ انْقِضَاءُ عِدَّةِ الْحَمْل بِدُونِ وَضْعِ الْحَمْل، لاَ يُتَصَوَّرُ وُجُودُ النِّفَاسِ مِنَ الْحُبْلَى؛ لأَِنَّ النِّفَاسَ بِمَنْزِلَةِ الْحَيْضِ، وَلأَِنَّ النِّفَاسَ مَأْخُوذٌ مِنْ تَنَفُّسِ الرَّحِمِ، وَلاَ يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ عَلَى الْكَمَال إِلاَّ بِوَضْعِ الْوَلَدِ الثَّانِي، فَكَانَ الْمَوْجُودُ قَبْل وَضْعِ الثَّانِي نِفَاسًا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ، فَلاَ تَسْقُطُ الصَّلاَةُ


(١) كَشَّافُ الْقِنَاعِ ١ / ٢٢٠، وَالإِْنْصَافُ ١ / ٣٨٦.
(٢) بَدَائِعُ الصَّنَائِعِ ١ / ٤٣، وَالْمَجْمُوعُ ٢ / ٥٢٦، وَالْمُغْنِي ١ / ٣٥٠، وَالإِْنْصَافُ ١ / ٣٨٦.