للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال الرَّمْلِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: إِذَا لَمْ تُنَفَّذْ وَصِيَّةُ الْمَيِّتِ بِالنِّيَاحَةِ أَوِ الْبُكَاءِ عَلَيْهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ سِوَى إِثْمِ الْوَصِيَّةِ بِذَلِكَ (١) .

وَقَال بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: تَجِبُ الْوَصِيَّةُ بِتَرْكِ النِّيَاحَةِ وَالْبُكَاءِ الْمُحَرَّمَيْنِ، فَمَنْ أَهْمَل الْوَصِيَّةَ بِتَرْكِهِمَا عُذِّبَ بِهِمَا (٢) .

وَفَصَّل الْحَنَابِلَةُ فَقَال بَعْضُهُمْ: يُعَذَّبُ بِتَرْكِ الْوَصِيَّةِ إِذَا كَانَ عَادَةُ أَهْلِهِ النِّيَاحَةَ وَالْبُكَاءَ الْمُحَرَّمَيْنِ، وَقَال آخَرُونَ: إِنَّ الْمَيِّتَ يَتَأَذَّى بِالنِّيَاحَةِ إِنْ لَمْ يُوصِ بِتَرْكِهَا وَلَوْ لَمْ تَكُنْ عَادَةَ أَهْلِهِ (٣) .

الرَّأْيُ الثَّانِي: أَنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِسَبَبِ نِيَاحَةِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ.

وَقَدْ صَحَّ هَذَا الْقَوْل عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَعِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - (٤) ، لِمَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَال لِعَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ: أَلاَ تَنْهَى عَنِ الْبُكَاءِ، فَإِنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: إِنَّ الْمَيِّتَ


(١) نهاية المحتاج ٣ / ١٧.
(٢) المجموع ٥ / ٣٠٩.
(٣) كشاف القناع ٢ / ١٦٣.
(٤) نيل الأوطار ٤ / ١٠٤، ١٠٥، وفتح الباري ٣ / ١١٨، ١٥٥، والاستذكار ٨ / ٣٢٢، وعون المعبود ٨ / ٤٠٢، والمغني ٢ / ٤١٢.