للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الَّذِي يَعْقِدُ الْعَهْدَ وَالْهُدْنَةَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ أَهْل الشِّرْكِ، فَإِنْ رَأَى ذَلِكَ صَلاَحًا وَهَادَنَهُمْ فَقَدْ وَجَبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُجِيزُوا أَمَانَهُ (١) .

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: أَمَّا وُلاَةُ الثُّغُورِ فَإِنْ كَانَ تَقْلِيدُهُمْ يَتَضَمَّنُ الْجِهَادَ فَقَطْ لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَعْقِدَ هُدْنَةً إِلاَّ قَدْرَ الاِسْتِرَاحَةِ فِي السَّنَةِ: وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَلاَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ سَنَةً؛ لأَِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُجَاهِدَ فِي كُل سَنَةٍ.

وَفِيمَا بَيْنَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَسَنَةٍ قَوْلاَنِ؛ لأَِنَّ لَهُ أَنْ يَقْعُدَ عَنِ الْجِهَادِ فِيهَا مِنْ غَيْرِ هُدْنَةٍ فَكَانَ مَعَ الْهُدْنَةِ أَوْلَى بِالْجَوَازِ.

وَإِنْ تَضَمَّنْ تَقْلِيدُ وَالِي الثُّغُورِ الْعَمَل بِرَأْيِهِ فِي الْجِهَادِ وَالْمُوَادَعَةِ جَازَ أَنْ يَعْقِدَ الْهُدْنَةَ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا لِدُخُولِهَا فِي وِلاَيَتِهِ، وَالأَْوْلَى أَنْ يَسْتَأْذِنَ الإِْمَامَ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَأْذِنِ انْعَقَدَتْ (٢) .

هَذَا فِي مُهَادَنَةِ الْكُفَّارِ مُطْلَقًا أَوْ أَهْل إِقْلِيمٍ كَبِيرٍ، وَيَجُوزُ لِوَالِي الإِْقْلِيمِ الْمُهَادَنَةُ مَعَ أَهْل بَلْدَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ فِي إِقْلِيمِهِ لِلْمَصْلَحَةِ، وَكَأَنَّهُ مَأْذُونٌ.


(١) الْحَاوِي الْكَبِير ١٨ / ٤٢٧، والخطابي شَرْح سُنَنِ أَبِي دَاوُد ٢ / ٣١٦
(٢) الْحَاوِي الْكَبِير ١٨ / ٤٢٧، وتحفة الْمُحْتَاج ٩ / ٣٠٤، ومغني الْمُحْتَاج ٤ / ٢٦٠ - ٢٦١