للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِذْنٌ، فَلَيْسَ بِوَدِيعَةٍ، بَل هُوَ أَمَانَةٌ شَرْعِيَّةٌ فِي يَدِهِ، وَعَلَيْهِ رَدُّهَا فِي الْحَال، حَتَّى لَوْ لَمْ يُؤَدِّ مَعَ التَّمَكُّنِ ضَمِنَ.

ج ـ إِذَا عَزَل الْمُودِعُ نَفْسَهُ، فَفِي انْعِزَالِهِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَدِيعَةَ إِذْنٌ أَمْ عَقْدٌ؟ فَإِنْ قُلْنَا: إِذْنٌ، فَالْعَزْل لَغْوٌ، كَمَا لَوْ أَذِنَ لِلضِّيفَانِ فِي أَكْل طَعَامِهِ، فَقَال بَعْضُهُمْ: عَزَلْتُ نَفْسِي، يَلْغُو قَوْلُهُ، وَلَهُ الأَْكْل بِالإِْذْنِ السَّابِقِ، فَعَلَى هَذَا تَبْقَى الْوَدِيعَةُ بِحَالِهَا وَلاَ تَنْفَسِخُ، وَإِنْ قُلْنَا: عَقْدٌ، انْفَسَخَتْ، وَبَقِيَ الْمَال فِي يَدِهِ أَمَانَةً شَرْعِيَّةً، كَثَوْبِ الْغَيْرِ الَّذِي طَيَّرَتْهُ الرِّيحُ إِلَى دَارِهِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ عِنْدَ التَّمَكُّنِ، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ صَاحِبُهُ عَلَى الأَْصَحِّ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَل ضَمِنَ. (١)

خَصَائِصُ عَقْدِ الْوَدِيعَةِ:

٩ ـ يَتَّضِحُ مِمَّا سَبَقَ أَنَّ خَصَائِصَ عَقْدِ الْوَدِيعَةِ ثَلاَثٌ:

(إِحْدَاهَا) أَنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، أَيْ غَيْرُ لاَزِمٍ فِي حَقِّ أَيٍّ مِنْهُمَا، فَلِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُبَادِرَ لِفَسْخِهِ وَالتَّحَلُّل مِنْهُ مَتَى شَاءَ، دُونَ


(١) رَوْضَةُ الطَّالِبِينَ ٦ / ٣٢٦، ٣٢٧، وَانْظُرْ تُحْفَةَ الْمُحْتَاجِ ٧ / ١٠٣، وَأَسْنَى الْمَطَالِبِ ٣ / ٧٥ ـ ٧٦.