للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَوَقُّفٍ عَلَى رِضَا الطَّرَفِ الآْخَرِ أَوْ مُوَافَقَتِهِ، (١) وَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا أَوْ جُنُونِهِ أَوْ إِغْمَائِهِ.

وَعَلَى ذَلِكَ، فَمَتَى أَرَادَ الْمُودِعُ اسْتِرْدَادَ وَدِيعَتِهِ، لَزِمَ الْوَدِيعُ رَدَّهَا إِلَيْهِ؛ لِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ( {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَْمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} ) (٢) ، وَمَتَى أَرَادَ الْوَدِيعُ رَدَّهَا لِصَاحِبِهَا لَزِمَهُ أَخْذُهَا مِنْهُ؛ لأَِنَّ الأَْصْل فِي الْمُسْتَوْدَعِ أَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِإِمْسَاكِهَا وَحِفْظِهَا، فَلاَ يَلْزَمُهُ التَّبَرُّعُ فِي الْمُسْتَقْبَل (٣) . وَقَدْ جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (٧٧٤) مِنْ مَجَلَّةِ الأَْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةِ: " لِكُلٍّ مِنَ الْمُودِعِ وَالْمُسْتَوْدِعِ فَسْخُ عَقْدِ الإِْيدَاعِ مَتَى شَاءَ ".

غَيْرَ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ اسْتَثْنَوْا مِنْ هَذَا الأَْصْل حَالَةَ لُحُوقِ الضَّرَرِ بِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ نَتِيجَةَ فَسْخِ الآْخَرِ عَقْدَ الْوَدِيعَةِ بِدُونِ رِضَاهُ، فَقَال الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ: " الْعُقُودُ الْجَائِزَةُ إِذَا اقْتَضَى فَسْخُهَا


(١) الْمُغْنِي لاِبْنِ قُدَامَةَ ٩ / ٢٥٦ط هَجَرَ، وَكَشَّافُ الْقِنَاعِ ٤ / ١٨٥، وَرَوْضَةُ الطَّالِبِينَ ٦ / ٣٢٦، وَأَسْنَى الْمَطَالِبِ ٣ / ٧٦، الزُّرْقَانِيُّ عَلَى خَلِيلٍ ٦ / ١٢٥، الْقَوَانِينُ الْفِقْهِيَّةُ ص ٣٩٧، دُرَرُ الْحُكَّامِ لِعَلِي حَيْدَرْ ٢ / ٢٢٨، وَشَرْحُ الْمَجَلَّةِ لِلأَْتَاسِيِّ ٣ / ٢٤٠، وَانْظُرِ الْمَادَّةَ (٨٣١) مِنْ مُرْشِدِ الْحَيْرَانِ وَالْمَادَّةَ (١٣٢٦) مِنْ مَجَلَّةِ الأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى مَذْهَبِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ.
(٢) سُورَةُ النِّسَاءِ / ٥٨.
(٣) دُرَرُ الْحُكَّامِ ٢ / ٢٢٨، وَفَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيِّ ص ٢١٧.