للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نِيَّتُهُ، فَكَانَ نَصِيبُهُ تَطَوُّعًا مَحْضًا وَهُوَ لَمْ يَنْوِ التَّقَرُّبَ بِإِرَاقَةِ الدَّمِ، لأَِنَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ إِنَّمَا يَقْضِي بِالتَّصَدُّقِ بِالْقِيمَةِ، وَنَصِيبُ الْمُضَحِّي الَّذِي نَوَى الْقَضَاءَ شَائِعٌ فِي الْبَدَنَةِ كُلِّهَا، فَلاَ سَبِيل لِلَّذِي نَوَى الأَْدَاءَ أَنْ يَأْكُل شَيْئًا مِنْهَا، فَلاَ بُدَّ مِنَ التَّصَدُّقِ بِجَمِيعِهَا. (١)

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يُنْدَبُ لِلْمُضَحِّي الْجَمْعُ بَيْنَ الأَْكْل مِنْ أُضْحِيَّتِهِ وَالتَّصَدُّقِ وَالإِْهْدَاءِ بِلاَ حَدٍّ فِي ذَلِكَ بِثُلُثٍ وَلاَ غَيْرِهِ (٢) وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ مَنْذُورَةٍ وَغَيْرِهَا. (٣)

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَجِبُ بَعْدَ ذَبْحِ الأُْضْحِيَّةِ الْوَاجِبَةِ بِالنَّذْرِ أَوِ الْجُعْل وَالْمُعَيَّنَةِ عَنِ الْمَنْذُورِ فِي الذِّمَّةِ التَّصَدُّقُ بِهَا كُلِّهَا، وَأَمَّا غَيْرُ الْوَاجِبَةِ فَيَجِبُ بَعْدَ الذَّبْحِ التَّصَدُّقُ بِجُزْءٍ مِنْ لَحْمِهَا نِيئًا غَيْرَ قَدِيدٍ وَلاَ تَافِهٍ جِدًّا. وَزَادَ الْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَتَصَدَّقْ حَتَّى فَاتَتْ ضَمِنَ لِلْفُقَرَاءِ ثَمَنَ أَقَل مَا لاَ يُعْتَبَرُ تَافِهًا.

فَلاَ يَكْفِي التَّصَدُّقُ بِشَيْءٍ مِنَ الشَّحْمِ أَوِ الْكَبِدِ أَوْ نَحْوِهِمَا وَلاَ التَّصَدُّقُ بِمَطْبُوخٍ، وَلاَ التَّصَدُّقُ بِقَدِيدٍ وَهُوَ الْمُجَفَّفُ، وَلاَ التَّصَدُّقُ بِجُزْءٍ تَافِهٍ جِدًّا لَيْسَ لَهُ وَقْعٌ.

وَوُجُوبُ التَّصَدُّقِ هُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ وَهُوَ أَصَحُّهُمَا، وَيَكْفِي فِي التَّصَدُّقِ الإِْعْطَاءُ، وَلاَ يُشْتَرَطُ النُّطْقُ بِلَفْظِ التَّمْلِيكِ وَنَحْوِهِ، وَمَا عَدَا الْجُزْءَ الْمُتَصَدَّقَ بِهِ


(١) حاشية ابن عابدين ٥ / ٢٠٥، ٢٠٨، والمغني على الشرح الكبير ١١ / ١٠٨، ١١٨، ومطالب أولي النهى ٢ / ٤٧٤.
(٢) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ٢ / ١٢٢.
(٣) لكنهم قالوا في الهدي المنذور: إذا نذره للمساكين وجب ذبحه والتصدق به جميعه وإذا نذره وأطلق وجب ذبحه ويسلك به بعد الذبح مسلك هدي التطوع (الشرح الكبير بحاشية الدسوقي ٢ / ٨٩) والظاهر أن الأضحية عندهم كذلك.