للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثَالِثًا: الْوَسْوَسَةُ النَّاشِئَةُ عَنِ الْمُبَالَغَةِ فِي الاِحْتِيَاطِ وَالْوَرَعِ:

١٠ - الْوَسْوَسَةُ نَوْعٌ مِنَ الْمُبَالَغَةِ فِي الْوَرَعِ وَالاِحْتِيَاطِ، حَتَّى يَخْرُجَ الْمُوَسْوَسُ مِنْ حَدِّ الْوَرَعِ إِلَى مَا لَيْسَ مِنْهُ، وَهُوَ التَّشَدُّدُ فِي الدِّينِ، وَالْخُرُوجُ عَنْ سَمَاحَتِهِ وَيُسْرِهِ، وَعَنْ مَسْلَكِ السَّلَفِ الصَّالِحِينَ (١) .

قَال الْهَيْتَمِيُّ فِي شَرْحِهِ لِحَدِيثِ الْحَلاَل بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ (٢) : إِنَّ الشَّيْءَ إِذَا لَمْ يَتَنَازَعْهُ دَلِيلاَنِ فَهُوَ حَلاَلٌ بَيِّنٌ أَوْ حَرَامٌ بَيِّنٌ، وَإِنْ تَنَازَعَهُ سَبَبَاهُمَا، فَإِنْ كَانَ سَبَبُ التَّحْرِيمِ مُجَرَّدَ تَوَهُّمٍ وَتَقْدِيرٍ لاَ مُسْتَنَدَ لَهُ، كَتَرْكِ التَّزَوُّجِ مِنْ نِسَاءِ بَلَدٍ كَبِيرٍ خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِيهَا مُحَرَّمٌ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ، وَتَرْكِ اسْتِعْمَال مَاءٍ لِمُجَرَّدِ احْتِمَال وُقُوعِ نَجَاسَةٍ فِيهِ، أُلْغِيَ وَلَمْ يُلْتَفَتْ إِلَيْهِ


(١) الْمَجْمُوعِ لِلنَّوَوِيِّ ١ / ٢٥٩، وإغاثة اللَّهْفَان ص ١٣٤، وَالرُّوح لاِبْن الْقَيِّمِ ٢ / ٧٥٠ مَنْشُورَات دَار ابْن تَيْمِيَّةَ.
(٢) حَدِيث: " الْحَلاَل بَيْن وَالْحَرَام بَيْن. . . " أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ (الْفَتْح ١ / ١٢٦) ، وَمُسْلِم (٣ / ١٢١٩ - ١٢٢٠) مِنْ حَدِيثِ النُّعْمَان بْن بَشِير وَاللَّفْظ لِمُسْلِم.