للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلاَ يَعُدُّ الْفُقَهَاءُ طَيْرَ الْمَاءِ بَحْرِيًّا، لأَِنَّهُ لاَ يَسْكُنُ تَحْتَ سَطْحِ الْمَاءِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ فَوْقَهُ وَيَنْغَمِسُ فِيهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ ثُمَّ يَطِيرُ، وَلِهَذَا لاَ يَحِل عِنْدَهُمْ إِلاَّ بِالتَّذْكِيَةِ.

وَلِلْمَالِكِيَّةِ فِي كَلْبِ الْبَحْرِ وَخِنْزِيرِهِ قَوْلٌ بِالإِْبَاحَةِ، وَآخَرُ بِالْكَرَاهَةِ، وَالرَّاجِحُ فِي كَلْبِ الْمَاءِ الإِْبَاحَةُ، وَفِي خِنْزِيرِهِ الْكَرَاهَةُ، (أَيِ الْكَرَاهَةُ التَّنْزِيهِيَّةُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ) .

وَاخْتَلَفُوا فِي إِنْسَانِ الْمَاءِ (١) ، فَمِنْهُمْ مَنْ حَرَّمَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ أَبَاحَهُ، وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِجَوَازِ قَلْيِ السَّمَكِ وَشَيِّهِ مِنْ غَيْرِ شَقِّ بَطْنِهِ وَلَوْ حَيًّا. قَالُوا: وَلاَ يُعَدُّ هَذَا تَعْذِيبًا، لأَِنَّ حَيَاتَهُ خَارِجَ الْمَاءِ


(١) إن المراجع العلمية الحديثة التي بين أيدينا يستفاد منها أن إنسان الماء (ويسمي بالفرنسية: سيرين (Sirene)) هو حيوان أسطوري يوصف في القصص الخيالية بأن نصفه الأعلى امرأة ونصفه الأسفل سمكة (ر: معجم وموسوعة لا روس الفرنسية في كلمة (Sirene)) . وقد نقلنا كلام فقهاء المذاهب في حكم إنسان الماء كما ورد في مصادره، حرصا على أمانة نقل الفقه في هذه الموسوعة، ورأينا أن نثبت هنا هذ. الملاحظة حوله. على أننا نرى أن صنيع الفقهاء القدامى في ذكر هذه الأنواع وتقرير الحكم الفقهي فيها لا محل لنقده بأنهم يذكرون أحكام أنواع من الحيوان أسطورية، ذلك لأن الفقهاء وقفوا أمام أخبار ووقائع يرويها الصيادون وغيرهم
من الناس والرحالين لا يمكن تكذيبها، لأنها محتملة، كما لا يمكن الجزم بصحتها. فواجبهم أن يقرروا لها أحكاما على نقدير صحتها الاحتمالية، ولا سيما أن الشائع من القديم أن عجائب البحر وحيوانه أكثر وأكبر من عجائب البر اليابس، وأنه لا يوجد في البر نوع من الحيوان إلا وله نظير في البحر. وهذا قد كده الاستاذ العلامة محمد فريد وجدى في دائرة معارفه نقلا عن المصادر العلمية الحديثة الأجنبية (ر: دائرة معارف القرن العشرين للعلامة محمد فريد وجدى كلمة: بحر- البحر حيويا) .