للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَعْدَ تَذْكِيَةِ أُمِّهِ مَيْتَةٌ، وَمِمَّا يُؤَكِّدُ ذَلِكَ أَنَّ حَيَاةَ الْجَنِينِ مُسْتَقِلَّةٌ، إِذْ يُتَصَوَّرُ بَقَاؤُهَا بَعْدَ مَوْتِ أُمِّهِ فَتَكُونُ تَذْكِيَتُهُ مُسْتَقِلَّةً.

وَحُجَّةُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَالْجُمْهُورِ قَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ (١) وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَتَذَكَّى بِذَكَاةِ أُمِّهِ، وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِأَنَّهُ تَبَعٌ لأُِمِّهِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا، أَمَّا حَقِيقَةٌ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا حُكْمًا فَلأَِنَّهُ يُبَاعُ بِبَيْعِ الأُْمِّ، وَلأَِنَّ جَنِينَ الأُْمِّ يُعْتَقُ بِعِتْقِهَا، وَالْحُكْمُ فِي التَّبَعِ يَثْبُتُ بِعِلَّةِ الأَْصْل، وَلاَ تُشْتَرَطُ لَهُ عِلَّةٌ عَلَى حِدَةٍ، لِئَلاَّ يَنْقَلِبَ التَّبَعُ أَصْلاً. (٢)

تَنَاوُل الْمُضْطَرِّ لِلْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا:

٨٧ - أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى إِبَاحَةِ أَكْل الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا لِلْمُضْطَرِّ، وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَل الاِضْطِرَارَ إِلَى الْمُحَرَّمَاتِ فِي خَمْسَةِ مَوَاطِنَ مِنَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ:

(الأَْوَّل) - الآْيَةُ ١٧٣ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَفِيهَا بَعْدَ ذِكْرِ تَحْرِيمِ الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} .

(الثَّانِي) - الآْيَةُ الثَّالِثَةُ مِنْ سُورَةِ الْمَائِدَةِ، وَفِيهَا بَعْدَ ذِكْرِ تَحْرِيمِ الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} .


(١) حديث " ذكاة الجنين ذكاة أمه " أخرجه الترمذي واللفظ له وأبو داود وابن ماجه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وقال الترمذي: هذا حديث حسن (تحفة الأحوذي ٥ / ٤٨ نشر السلفية، وعون المعبود ٣ / ٦٢ - ٦٣ ط الهند، وسنن ابن ماجه ٢ / ١٠٦٧ ط عيسى الحلبي) .
(٢) ابن عابدين ٥ / ١٩٣، وجواهر الإكليل ١ / ٢١٦، وبداية المجتهد ١ / ٤٤٢، وحاشيتا قليوبي وعميرة ٤ / ٢٦٢، والمغني ٨ / ٥٧٩، ٥٨٠.