للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١١ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَتَحَقَّقُ الإِْيجَابُ فِي عَقْدِ الْوَكَالَةِ بِلَفْظِ: وَكَّلْتُكَ فِي كَذَا، أَوْ: فَوَّضْتُ إِلَيْكَ كَذَا، أَوْ: أَنَبْتُكَ فِيهِ، أَوْ: أَذِنْتُ لَكَ فِيهِ، أَوْ: أَقَمْتُكَ مَقَامِي فِي كَذَا، أَوْ: أَنْتَ وَكِيلِي فِيهِ. (١)

كَمَا يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّ الإِْيجَابَ يَتَحَقَّقُ بِلَفْظِ الأَْمْرِ، مِثْل: بِعْهُ، أَوْ: أَعْتِقْهُ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ إِذَا جَرَى الْعُرْفُ بِانْعِقَادِ الْوَكَالَةِ بِمِثْل هَذِهِ الأَْلْفَاظِ، حَيْثُ قَالُوا: الْوَكَالَةُ لاَ تَخْتَصُّ بِالصِّيغَةِ الدَّالَّةِ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ إِرْسَالٍ، وَإِنَّمَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ لِلْعُرْفِ وَالْعَادَةِ. (٢)

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: تَثْبُتُ الْوَكَالَةُ بِكُل لَفْظٍ يَدُل عَلَيْهَا كَوَكَّلْتُكَ وَأَشْبَاهِهِ، رَوَى بِشْرُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ: إِذَا قَال الرَّجُل لِغَيْرِهِ: أَحْبَبْتُ أَنْ تَبِيعَ دَارِي هَذِهِ، أَوْ: هَوَيْتُ، أَوْ: رَضِيتُ، أَوْ: شِئْتُ، أَوْ: أَرَدْتُ، فَذَاكَ تَوْكِيلٌ وَأَمْرٌ بِالْبَيْعِ. (٣)

وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَال: سَأُوَكِّلُكَ، لَمْ


(١) الفتاوى الهندية ٣ / ٥٦٤ ـ ٥٦٥، وبدائع الصنائع ٦ / ٢٠، ونهاية المحتاج ٥ / ٢٧، والحاوي للمارودي ٨ / ١٨٧، وكشاف القناع ٣ / ٤٦١، والإنصاف ٥ / ٣٥٣، وشرح الخرشي ٦ / ٧٠.
(٢) درر الحكام شرح مجلة الأحكام ٣ / ٥٢٧، والإنصاف ٥ / ٣٥٣، وروضة الطالبين ٤ / ٣٠٠، والخرشي ٦ / ٧٠.
(٣) تكملة فتح القدير ٨ / ٤، والفتاوى الهندية ٣ / ٥٦٤ ـ ٥٦٥.