للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمَّا مُهْدَرُ الدَّمِ الَّذِي لاَ تُفِيدُ تَوْبَتُهُ عِصْمَةَ دَمِهِ، كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ، وَالْقَاتِل فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ الَّذِي قَدَرَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ، فَقِيل: لاَ يَأْكُل الْمَيْتَةَ حَتَّى يَتُوبَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَوْبَتُهُ مُفِيدَةً لِعِصْمَتِهِ.

وَقِيل: لاَ يَتَوَقَّفُ حِل الْمَيْتَةِ لَهُ عَلَى تَوْبَتِهِ. (١)

١٠٠ - وَاشْتَرَطَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَلاَّ يَكُونَ الْمُضْطَرُّ عَاصِيًا بِسَفَرِهِ أَوْ بِإِقَامَتِهِ. فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَحِل لَهُ تَنَاوُل الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا حَتَّى يَتُوبَ.

وَالْعَاصِي بِسَفَرِهِ أَوْ بِإِقَامَتِهِ هُوَ الَّذِي نَوَى بِسَفَرِهِ أَوْ إِقَامَتِهِ الْمَعْصِيَةَ، أَيْ هُوَ الَّذِي سَافَرَ أَوْ أَقَامَ لأَِجْل الْمَعْصِيَةَ، كَمَنْ خَرَجَ مِنْ بَلَدِهِ نَاوِيًا قَطْعَ الطَّرِيقَ، وَكَذَا الَّذِي قَصَدَ بِسَفَرِهِ أَوْ إِقَامَتَهُ أُمُورًا مُبَاحَةً ثُمَّ قَلَبَهُ مَعْصِيَةً، كَمَنْ سَافَرَ أَوْ أَقَامَ لِلتِّجَارَةِ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَجْعَل السَّفَرَ أَوِ الإِْقَامَةُ لِقَطْعِ الطَّرِيقِ.

وَأَمَّا الْعَاصِي فِي أَثْنَاءِ السَّفَرِ - وَهُوَ مَنْ سَافَرَ سَفَرًا مُبَاحًا، وَفِي أَثْنَاءِ سَفَرِهِ عَصَى بِتَأْخِيرِ الصَّلاَةِ عَنْ وَقْتِهَا، أَوْ بِالزِّنَى وَهُوَ غَيْرُ مُحْصَنٍ، أَوْ بِالسَّرِقَةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ - فَلاَ يَتَوَقَّفُ حِل أَكْلِهِ لِلْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا عَلَى تَوْبَتِهِ. وَمِثْلُهُ الْعَاصِي فِي إِقَامَتِهِ، كَمَنْ كَانَ مُقِيمًا فِي بَلَدِهِ لِغَرَضٍ مُبَاحٍ، وَعَصَى فِيهَا بِنَحْوِ مَا سَبَقَ، فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ الأَْكْل مِنَ الْمُحَرَّمِ إِنِ اضْطُرَّ إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى التَّوْبَةِ. (٢)

وَالْوَجْهُ لِمَنْعِ الْمُسَافِرِ سَفَرَ مَعْصِيَةٍ أَنَّ أَكْل الْمَيْتَةِ رُخْصَةٌ، وَالْعَاصِي بِسَفَرِهِ أَوْ إِقَامَتِهِ لَيْسَ مِنْ


(١) نهاية المحتاج ٨ / ١٧٠، ١٧١، وحاشية البجيرمي على المنهج ٤ / ٢٠٨.
(٢) نهاية المحتاج ٨ / ١٥٠، وحاشية الشرواني على تحفة المحتاج ٨ / ١٨٨، ومطالب أولي النهى ٦ / ٣١٨، ٣١٩.