للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإِْيمَانَ فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَخْلُو مِنْ حَالَيْنِ:

الْحَال الأَْوَّل: أَنْ يُظْهِرَ مَا أَظْهَرَهُ طَوَاعِيَةً، فَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالظَّاهِرِ مِنْ حَالِهِ، لأَِنَّ الأَْحْكَامَ الْفِقْهِيَّةَ تَجْرِي عَلَى الظَّاهِرِ.

الْحَال الثَّانِي: أَنْ يُظْهِرَ مَا أَظْهَرَهُ مُكْرَهًا وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِْيمَانِ، وَعِنْدَئِذٍ تَبْقَى أَحْكَامُ الإِْيمَانِ جَارِيَةً عَلَيْهِ. (١) كَمَا فَصَّل الْفُقَهَاءُ ذَلِكَ فِي بَحْثِهِمْ فِي الرِّدَّةِ وَفِي الإِْكْرَاهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِْيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} . (٢)

إِظْهَارُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ خِلاَفَ قَصْدِهِمَا:

٨ - إِذَا أَظْهَرَ الْعَاقِدَانِ عَقْدًا فِي الأَْمْوَال، وَهُمَا لاَ يُرِيدَانِهِ، أَوْ ثَمَنًا لِمَبِيعٍ وَهُمَا يُرِيدَانِ غَيْرَهُ، أَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ لآِخَرَ بِحَقٍّ وَقَدِ اتَّفَقَا سِرًّا عَلَى بُطْلاَنِ ذَلِكَ الإِْقْرَارِ الظَّاهِرِ، فَقَدْ قَال بَعْضُ الْفُقَهَاءِ، كَالْحَنَابِلَةِ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ: الظَّاهِرُ بَاطِلٌ. وَقَال بَعْضُهُمْ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ: الظَّاهِرُ صَحِيحُ، وَقَدْ فَصَّل ذَلِكَ الْفُقَهَاءُ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ عِنْدَ كَلاَمِهِمْ عَلَى بَيْعِ التَّلْجِئَةِ، (٣) وَسَمَّى الْمُعَاصِرُونَ هَذَا الْعَقْدَ الظَّاهِرَ بِالْعَقْدِ الصُّورِيِّ.

إِظْهَارُ خِلاَفِ قَصْدِ الشَّارِعِ بِالْحِيلَةِ:

٩ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى عَدَمِ حِل كُل تَصَرُّفٍ مَهْمَا


(١) تفسير القرطبي ١٠ / ١٨٣ طبع دار الكتب المصرية، والمغني ٨ / ١٤٥ طبع المنار الثالثة، وفتح القدير ٧ / ٢٩٩ طبع بولاق.
(٢) سورة النحل / ١٠٦.
(٣) المغني لابن قدامة ٤ / ٢١٤ وما بعدها، وحاشية ابن عابدين ٤ / ٢٤٤، ٤٦٠، ومسلم الثبوت ١ / ١٢٣.