للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَصَارُوا كَالْعَبِيدِ يُؤَدَّى عَنْهُمْ صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَلاَ يُضَحَّى عَنْهُمْ، وَلِهَذَا لَمْ تَجِبْ عَلَى الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ الْكَبِيرِ.

ثُمَّ عَلَى الْقَوْل بِعَدَمِ الْوُجُوبِ يُسْتَحَبُّ لِلْوَالِدِ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ مِنْ مَال نَفْسِهِ.

أَمَّا إِذَا كَانَ لِلصَّبِيِّ مَالٌ ضَحَّى عَنْهُ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ، خِلاَفًا لِمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ، وَهُوَ نَظِيرُ الاِخْتِلاَفِ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ، وَقِيل: الأَْصَحُّ أَنَّهَا لاَ تَجِبُ فِي مَال الصَّبِيِّ بِإِجْمَاعِ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَِنَّهَا قُرْبَةٌ فَلاَ يُخَاطَبُ بِهَا، بِخِلاَفِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَلأَِنَّ الْوَاجِبَ الإِْرَاقَةُ، وَالتَّصَدُّقُ بِهَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلاَ يَجُوزُ ذَلِكَ فِي مَال الصَّبِيِّ، لأَِنَّهُ لاَ يَقْدِرُ عَلَى أَكْل جَمِيعِهَا عَادَةً وَلاَ يَجُوزُ بَيْعُهَا فَلاَ تَجِبُ، وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ: الصَّحِيحُ أَنَّهَا تَجِبُ وَلاَ يُتَصَدَّقُ بِهَا لأَِنَّهُ تَطَوُّعٌ، وَلَكِنْ يَأْكُل مِنْهَا الصَّغِيرُ وَعِيَالُهُ، وَيَدَّخِرُ لَهُ مَا يُمْكِنُهُ، وَيَبْتَاعُ لَهُ بِالْبَاقِي مَا يَنْتَفِعُ بِعَيْنِهِ، كَمَا يَجُوزُ لِلْبَالِغِ ذَلِكَ فِي الْجَلَدِ، وَالْجَدُّ مَعَ الْحَفَدَةِ كَالأَْبِ عِنْدَ عَدَمِهِ. (١)

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُسَنُّ لِلإِْنْسَانِ التَّضْحِيَةُ مِنْ مَالِهِ عَنْ أَبَوَيْهِ الْفَقِيرَيْنِ وَوَلَدِهِ الصَّغِيرِ حَتَّى


(١) الاختيار ٥ ١٦.