للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فَاسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عَلَيْهِ. وَإِنْ ضَمَّنَ الثَّانِيَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الأَْوَّل. إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي لَمْ يَعْلَمْ بِحَقِيقَةِ الْحَال، فَيُحْتَمَل أَنْ يَسْتَقِرَّ الضَّمَانُ عَلَى الأَْوَّل، لأَِنَّهُ غَرَّ الثَّانِيَ وَدَفَعَ الْعَيْنَ إِلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ يَسْتَوْفِي مَنَافِعَهَا بِدُونِ عِوَضٍ. وَإِنْ تَلِفَتِ الْعَيْنُ فِي يَدِ الثَّانِي، اسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عَلَيْهِ بِكُل حَالٍ، لأَِنَّهُ قَبَضَهَا عَلَى أَنْ تَكُونَ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ. فَإِنْ رَجَعَ عَلَى الأَْوَّل رَجَعَ الأَْوَّل عَلَى الثَّانِي. وَإِنْ رَجَعَ عَلَى الثَّانِي لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ. (١)

ضَمَانُ الإِْعَارَةِ:

١٥ - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْعَارِيَّةَ إِنْ تَلِفَتْ بِالتَّعَدِّي مِنَ الْمُسْتَعِيرِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا، لأَِنَّهَا إِنْ كَانَتْ أَمَانَةً كَمَا يَقُول الْحَنَفِيَّةُ: فَالأَْمَانَاتُ تُضْمَنُ بِالتَّعَدِّي. وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ كَذَلِكَ فِيمَا لاَ يُغَابُ عَلَيْهِ، أَيْ لاَ يُمْكِنُ إِخْفَاؤُهُ، كَالْعَقَارِ وَالْحَيَوَانِ، بِخِلاَفِ مَا يُمْكِنُ إِخْفَاؤُهُ، كَالثِّيَابِ وَالْحُلِيِّ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ، إِلاَّ إِذَا أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ تَلِفَ أَوْ ضَاعَ بِلاَ سَبَبٍ مِنْهُ، وَقَالُوا: إِنَّهُ لاَ ضَمَانَ فِي غَيْرِ مَا ذُكِرَ.

وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ بِهَلاَكِ الشَّيْءِ الْمُعَارِ، وَلَوْ كَانَ الْهَلاَكُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، أَوْ أَتْلَفَهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ وَلَوْ بِلاَ تَقْصِيرٍ. وَقَالُوا: إِنْ تَلِفَتْ بِاسْتِعْمَالٍ مَأْذُونٍ فِيهِ، كَاللُّبْسِ وَالرُّكُوبِ الْمُعْتَادِ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا، لِحُصُول التَّلَفِ بِسَبَبٍ مَأْذُونٍ فِيهِ.

وَحُجَّةُ الْحَنَفِيَّةِ حَدِيثُ: لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ غَيْرِ


(١) البدائع ٨ / ٣٨٩٨، والاختيار ٢ / ١١٨، والشرح الصغير ٣ / ٥٧٠، وحاشية ابن عابدين ٤ / ٥٠٣، ونهاية المحتاج ٥ / ١١٩، وأسنى المطالب ٢ / ٣٢٨، والمغني ٥ / ٢٢٧، والإقناع ١ / ٣٠٥ ط دار المعرفة.