للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رُكْنًا فِيهِ.

وَبِهِ قَال الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ. إِلاَّ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الاِعْتِكَافَ مَعَ الصَّوْمِ أَفْضَل مِنَ الاِعْتِكَافِ بِدُونِهِ، فَلَوِ اعْتَكَفَ صَائِمًا ثُمَّ أَفْطَرَ عَامِدًا بِغَيْرِ عُذْرٍ لاَ يَبْطُل اعْتِكَافُهُ، وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، لِصِحَّةِ اعْتِكَافِهِ بِغَيْرِ صَوْمٍ، وَاحْتَجُّوا لِمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الأُْوَل مِنْ شَوَّالٍ (١) رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَهَذَا يَتَنَاوَل اعْتِكَافَ يَوْمِ الْعِيدِ، وَيَلْزَمُ مِنْ صِحَّتِهِ أَنَّ الصَّوْمَ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ لَيْلَةً، فَقَال لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْفِ بِنَذْرِكَ (٢) .

نِيَّةُ الصَّوْمِ لِلاِعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ:

١٨ - اخْتَلَفَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ فِي الصَّوْمِ الْوَاجِبِ مَعَ الاِعْتِكَافِ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الاِعْتِكَافَ الْوَاجِبَ لاَ يَصِحُّ إِلاَّ بِصَوْمٍ وَاجِبٍ، وَلاَ يَصِحُّ مَعَ صَوْمِ التَّطَوُّعِ، فَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرِ رَمَضَانَ لَزِمَهُ وَأَجْزَأَهُ صَوْمُ رَمَضَانَ عَنْ صَوْمِ الاِعْتِكَافِ، فَإِنْ لَمْ يَعْتَكِفْهُ قَضَى شَهْرًا مُتَتَابِعًا غَيْرَهُ، لأَِنَّهُ الْتَزَمَ الاِعْتِكَافَ فِي شَهْرٍ بِعَيْنِهِ. وَقَدْ فَاتَهُ، فَيَقْضِيهِ مُتَتَابِعًا بِصَوْمٍ مَقْصُودٍ، فَلَمْ يَجُزْ فِي رَمَضَانَ آخَرَ، وَلاَ فِي وَاجِبٍ آخَرَ، سِوَى قَضَاءِ رَمَضَانَ الأَْوَّل، لأَِنَّهُ خُلْفٌ عَنْهُ.

وَعَلَى هَذَا فَلَوْ صَامَ تَطَوُّعًا، ثُمَّ نَذَرَ اعْتِكَافَ


(١) حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأول. . . " أخرجه مسلم (صحيح مسلم ٢ / ٨٣١ ط عيسى الحلبي) .
(٢) حديث " أوف بنذرك ". سبق تخريجه (ف / ٦) .