للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جَازَ ذَلِكَ. وَهَذَا عَلَى قَوْل الإِْمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ، أَمَّا عَلَى قَوْل الصَّاحِبَيْنِ فَالأَْمْرُ أَوْسَعُ. أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَدْ قَالُوا فِي الْمُعْتَمَدِ: لَوِ اشْتَرَطَ الْمُعْتَكِفُ لِنَفْسِهِ سُقُوطَ الْقَضَاءِ عَنْهُ - عَلَى فَرْضِ حُصُول عُذْرٍ أَوْ مُبْطِلٍ - لاَ يَنْفَعُهُ اشْتِرَاطُ سُقُوطِ الْقَضَاءِ، وَشَرْطُهُ لَغْوٌ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ إِنْ حَصَل مُوجِبُهُ، وَاعْتِكَافُهُ صَحِيحٌ. وَلَهُمْ قَوْلٌ آخَرُ بِأَنَّهُ لاَ يَنْعَقِدُ، وَقَوْلٌ ثَالِثٌ بِالتَّفْصِيل بَيْنَ الاِشْتِرَاطَاتِ قَبْل الدُّخُول فِي الاِعْتِكَافِ فَلاَ يَنْعَقِدُ الاِعْتِكَافُ، أَوْ بَعْدَ الدُّخُول فَيَلْغُو الشَّرْطُ (١) .

وَقَال الْحَنَابِلَةُ وَهُوَ الأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: إِنَّ الاِعْتِكَافَ لَزِمَ بِالْتِزَامِهِ فَيَجِبُ بِحَسَبِ مَا الْتَزَمَهُ.

فَإِذَا اشْتَرَطَ الْمُعْتَكِفُ الْخُرُوجَ لِعَارِضٍ مُبَاحٍ مَقْصُودٍ غَيْرِ مُنَافٍ لِلاِعْتِكَافِ صَحَّ الشَّرْطُ.

فَإِنِ اشْتَرَطَهُ لِخَاصٍّ مِنَ الأَْغْرَاضِ، كَعِيَادَةِ الْمَرْضَى خَرَجَ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَهَمَّ مِنْهُ. وَإِنِ اشْتَرَطَهُ لأَِمْرٍ عَامٍّ كَشُغْلٍ يَعْرِضُ لَهُ خَرَجَ لِكُل مُهِمٍّ دِينِيٍّ كَالْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ، أَوْ دُنْيَوِيٍّ مُبَاحٍ، كَاقْتِضَاءِ الْغَرِيمِ، فَلَيْسَ لَهُ الْخُرُوجُ لأَِجْل الْحَرَامِ.

وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ " مَقْصُودٍ " مَا لَوْ شَرَطَهُ، أَوْ لِغَيْرِ مَقْصُودٍ كَنُزْهَةٍ أَوْ فُرْجَةٍ، كَإِتْيَانِ أَهْلِهِ، فَإِذَا اشْتَرَطَ الْخُرُوجَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لاَ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ.

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لَوِ اشْتَرَطَ الْخُرُوجَ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ أَوِ الإِْجَارَةِ، أَوِ التَّكَسُّبِ بِالصِّنَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ بِلاَ خِلاَفٍ.

وَلَوْ قَال: مَتَى مَرِضْتُ أَوْ عَرَضَ لِي عَارِضٌ خَرَجْتُ فَلَهُ شَرْطُهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ.


(١) الدسوقي ١ / ٥٥٢، وبلغة السالك ١ / ٥٤٩.