للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَتَفْصِيلٍ يُعْرَفُ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ.

وَأَمَّا دَوَاعِي الْجِمَاعِ كَاللَّمْسِ وَالْقُبْلَةِ، فَإِنَّهَا تُفْسِدُ الاِعْتِكَافَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ الأَْظْهَرُ لِلشَّافِعِيَّةِ إِذَا أَنْزَل، فَإِنْ لَمْ يُنْزِل لَمْ يَفْسُدِ اعْتِكَافُهُ، وَالْقَوْلاَنِ الآْخَرَانِ لِلشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يَبْطُل مُطْلَقًا، وَقِيل: لاَ يَبْطُل.

قَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّهُ إِذَا قَبَّل وَقَصَدَ اللَّذَّةَ، أَوْ لَمَسَ، أَوْ بَاشَرَ بِقَصْدِهَا، أَوْ وَجَدَهَا بَطَل اعْتِكَافُهُ، وَاسْتَأْنَفَهُ مِنْ أَوَّلِهِ، فَلَوْ قَبَّل صَغِيرَةً لاَ تُشْتَهَى، أَوْ قَبَّل زَوْجَتَهُ لِوَدَاعٍ أَوْ رَحْمَةٍ، وَلَمْ يَقْصِدْ لَذَّةً وَلاَ وَجَدَهَا لَمْ يَبْطُل. ثُمَّ إِنَّ اشْتِرَاطَ الشَّهْوَةِ فِي الْقُبْلَةِ إِذَا كَانَتْ فِي غَيْرِ الْفَمِ، وَأَمَّا إِذَا كَانَتْ فِيهِ فَلاَ تُشْتَرَطُ الشَّهْوَةُ عَلَى الظَّاهِرِ، لأَِنَّهُ يُبْطِلُهُ مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ مَا يُبْطِل الْوُضُوءَ.

وَقَدْ نَصُّوا عَلَى تَحْرِيمِ الْوَطْءِ فِي الْمَسْجِدِ مُطْلَقًا لِكَرَامَتِهِ، وَوَطْءُ الْمُعْتَكِفَةِ مُفْسِدٌ لاِعْتِكَافِهَا (١) .

وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ الْجِمَاعَ الْمُفْسِدَ لِلاِعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ الْمُتَتَابِعِ مِنَ الْمُعْتَكِفِ الذَّاكِرِ لَهُ الْعَالِمِ بِتَحْرِيمِهِ لاَ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ.

قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَكْثَرُ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ لاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْل أَهْل الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ.

قَال الْمَاوَرْدِيُّ هُوَ قَوْل جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ إِلاَّ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالزُّهْرِيُّ، فَقَالاَ: عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الْوَاطِئِ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ.

وَعَنِ الْحَسَنِ رِوَايَةٌ أُخْرَى هِيَ أَنَّهُ يُعْتِقُ رَقَبَةً، فَإِنْ عَجَزَ أَهْدَى بَدَنَةً، فَإِنْ عَجَزَ تَصَدَّقَ بِعِشْرِينَ


(١) الدسوقي مع الشرح الكبير ١ / ٥٤٤، ومغني المحتاج ١ / ٤٥٢، وبدائع الصنائع ٣ / ١٠٧١ - ١٠٧٢، وكشاف القناع ٢ / ٣٦١.